ليلى أمين السيف
أكاد أجزم أن جميع من تزوج ومن سيتزوج لا يفقه ما المغزى الحقيقي من الزواج. يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
تتزوجه لأنها تحبه وفيما مضى لأنه متدين وأما الآن فمن الممكن لأنه غني أو وسيم.
أما هو فإنه يرغب بها لأن جسمها رشيق وعيناها ساحرتان وصوتها يذهب بلبه.
«فقه الزواج» مادة يجب أن تُدرّس منذ المرحلة الثانوية وفي كل فصل دراسي كي ننشئ جيلا يفقه معنى «الأسرة»، ومعنى المشاركة في بناء الحياة، وتربية الأبناء وتوفير مستلزمات الحياة ويقدّس الحياة الزوجية الصحية.
أما الحقيقة المرة فإن كلا الزوجين أصبحا يترصدان لبعضهما بعضا كل زلة وهفوة، فتجدهما يتناقران كالديوك وينتهزان فرصة غياب أحدهما عن بيته ليتنفس الصعداء بعيدا عن شريكه.
حقيقة أكثر مرارة أن الرجل لن يفهم احتياجات المرأة منه طالما هو يكابر ويصم أذنيه وعقله وقلبه عن كل رجاء منها تصريحا ام تلميحا، وكلما خطت زوجته نحوه خطوة تراجع هو آلافاً.
خلق الله لسيدنا «آدم» السيدة «حواء» سكنا له ولباسا وجعله أفضل بدرجتين. درجة الإنفاق ودرجة الأفضلية دوما ملازمة لـ»آدم» أي الرجل بصفة عامة، أعني أن الرجل «أفضل» في كيفية إنفاق عواطفه فهو أقدر على ضخها وتهذيبها وإلجامها.
كيف نكون مسلمين ومتعلمين وبالتأكيد قارئين ومثقفين ونهمّش هذه الاركان الجميلة التي تقوم عليها الأسر الصحية.
هذه اركان البيت السعيد المودة والرحمة والعطف والحنان التي من المفترض أن يغدقها الرجل على أهل بيته ليحظى بالسلام والحب والسكينة وحُسن التبعل.
ومما لاشك فيه أنه قد اختلفت لدينا مفاهيم الزواج، فعُميت القلوب عن العبرة من «السكنى» فسبحانه يقول: (لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) وليس لتسكنوا معها! لأنه سكن شعور لا سكن حضور! هذا السكن النفسي والروحي الذي يأنس فيه كل منهما بالآخر وبه يسعد!
المجتمع الغربي للأسف لا يعول على بناء الأسرة ففي النهاية كلٌّ في طريق، ولكن شريكا الحياة لديهما الفرص للمعاشرة والتعاشر قبل الزواج مما يتنافى ومبادئ ديننا بالطبع ولكنهم حين يتزوجون فإنهم يحسنون الاختيار.
ومن المستغرب له أن أجد ازواجا تجاوزوا السبعين عاما يسافران سويا لينعما بالحب ويمارسان الشوق وبعضا من هوايتهما المشتركة بكل شغف وكأنهما عروسان جديدان.
لذا يستغرب العرب لدينا حين يجدون شابا وسيما مغرما بشابة لا تملك - وفقاً لآرائنا - مقومات الجمال والعكس صحيح. فهما وجدا «السكن»، سكنا قلوب بعضهما في حين اخترنا نحن سكن الأجساد وليس المشاعر والقلوب!
أخيراً فإن الزواج الصحي لا يحتاج احد أطرافه الى أن يذكّر الآخر بواجباته أو إقناعه بأهمية مشاركته في بناء الأسرة.
لا يحتاج أحدهم أن يتسول من الآخر الاهتمام أو يستجدي مشاعر أو يحترق عاطفيا أو ماديا وجسديا.
الوعي مطلوب يا رعاكم الله.
**
- كاتبة يمنية مقيمة بالسويد