ميسون أبو بكر
اللقاء الذي أقامه مركز الملك سلمان لدراسات تاريخ الجزيرة العربية وحضارتها في قاعة حمد الجاسر بجامعة الملك سعود وضعني أمام ذاكرتي في بداية عملي في الإعلام الثقافي، فالمحاضرة التي شارك فيها المشرف على المركز الأمير د. نايف بن ثنيان آل سعود ود. راشد العساكر ود. محمد العتيبي وتحدث عن دراسة تاريخ الجزيرة في ظل الدراسات البينية ذكرني بلقائي بالدكتور العساكر، وزيارتنا منفوحة مع المخرج محمد العروان بتوجيه من الملك سلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض ذلك الوقت العاشق للتاريخ الذي كرس جهده وبحثه ورعايته لتاريخ المملكة وتاريخ أبيه المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، والذي حظيت برامجي الثقافية بمتابعة من جلالته وتوجيه جعل لعملي في الإعلام الثقافي بعدا أكبر وحملني مسؤولية البحث وتحري الدقة وعشق تاريخ البلاد.
لا أنسى جملة الملك المؤرخ العاشق للتاريخ حين قال بعد اكتشاف قطع أثرية قرب المزاحمية (اليوم خرجت الآثار من حفر التاريخ) ثم العلا التي تحولت اليوم برؤيته النافذة معلما تاريخيا عالميا بارزا ومتحفا مفتوحا، فقد حظيت أنني سافرت ذات رحلة عمل في نفس الطائرة مع قطع وتماثيل أثرية من العلا عرضت في متحف بهيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية.
مركز الملك سلمان الذي يبذل جهودا عظيمة في دراسة تاريخ وحضارة الجزيرة من خلال جهوده العالمية كجائزة الملك سلمان العالمية لطلبة الدراسات العليا والندوة العالمية لتاريخ الجزيرة العربية التي تعد المرجع الأول والأساس ثم كراسي البحث في الجامعات العالمية وغيرها يحظى المركز بجهود دؤوبة من المشرف عليه ومنسوبيه، إيمانا منهم بأن الجزيرة العربية أسهمت في وضع الحضارة البشرية في مختلف حقبها الزمنية؛ لذلك هي جديرة بالاهتمام والبحث، وقد خصص المشرف على المركز الأمير الدكتور نايف بن ثنيان آل سعود هذا اللقاء لدراسة تاريخ الجزيرة في ظل الدراسات البينية التي فتحت آفاقا جديدة في البحث العلمي، واعتبرت تطورا طبيعيا للمعرفة لأنها عالم منهاجي وسيع يؤمن بالتكامل المعرفي.
فرسان الندوة ممن لهم مسيرة عظيمة وجهود مقدرة أكدوا بأن دراسة تاريخ الجزيرة العربية وتراثها يسهم في دعم الهوية الوطنية ويحقق ما تصبو إليه رؤية المملكة العربية السعودية، وأكدوا أن تراث هذه البلاد وتاريخها وآثارها لا بد أن يُحاط باهتمام عالمي.
وإن كانت الجزيرة لم تنل الدراسة والعناية التي تليق بمكانتها وحضاراتها وثراء آثارها وتاريخها إلا أنه اهتم بها مستشرقون ورحالة من كل مكان، تركوا دراساتهم ومقالاتهم وكتبهم شاهدا على سبرهم أغوارها كـ لورنس، ويلفرد ثيسجر الملقب بـ مبارك بن لندن، توماس، وعبدالله أسد، ثم فيلبي الذي قام بدور إعلامي كبير في تزويد الصحف ووكالات الأنباء بأبرز أخبار البلاد، إن البلاد التي يخلص أبناؤها في العناية بتاريخها وتراثها ومناسباتها الوطنية هي بلاد سامية خالدة الذكر لها مكانة مرموقة على خارطة هذا العالم الممتد.
لذلك يعد مركز الملك سلمان لدراسة تأريخ الجزيرة العربية وحضارتها مخاضا لعشق الملك سلمان المتأصل للتاريخ واحتفائه بالمؤرخين ومتابعته الدقيقة لتاريخ المملكة، وقد كان له الدور الريادي في تعميق المعرفة التاريخية بالجزيرة العربية.