مرام فهد المشاري
في وقت اتسع فيه فاه الرأي واتضحت فيه ملامح التأثير عبر بوابات مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت أصبحت به الدلاء تُدلى في أي مكان وحول أي مسألة، في وقت أصبح فيه الأطباء والمستشارون والمنظّرون والفقهاء يظهرون من العدم دون سابق معرفة وخبرة خلال تلك المواقع يعبثون بالعقول الهشّة، ويتخطّفون المسامع الضعيفة، في وقت أصبح فيه أطفالنا يقضون فراغهم أكثر من كبارنا على تلك المنصات، كان لابد من وقفة راشدة أمام من صنعتم منهم مشاهير نظير مجرد عدد يزداد دون معايير قيّمة وقيم حقيقية، فإن كان لابد من تمكين ظهورهم من خلالكم، فمن خلالكم أنتم فقط تكمن امكانية تحكيمهم وتسهيل تمكينهم مقابض الشهرة بمعايير استحقاق، معايير تشبه تلك التي نجتهد سنوات لنغرسها في أبنائنا، معايير نحاول جاهدين الحفاظ عليها كلما اشتد واقع الحياة، معايير لم نتنازل عنها غالباً سوى أمام تلك المنصات، معايير لا نريد من نقيضها أن يفسد غرسنا، ويطغى على قيمتنا التي نستمدها من قيمنا، معايير تُبنى على مبادئ نأمل أن يتبناها أطفالنا، لا تتناقض مع ما نتفوه به حين نرشدهم، ولا تتعارض مع اجاباتنا عن تساؤلاتهم.
مساء أحد الأيام كان ردي على طفلتي حين سألتني عن أهمية اعداد المتابعين بأن الأهم هو ما يقدمه الشخص، ما سوف يصنعه للمجتمع، هو ما سيكون عليه، فإن كان الواقع التقني يفرض علينا وجود المشاهير، فلماذا لا نفرض لهم معايير بهدف تنقية البيئة التي يقضي ابناؤنا معظم وقتهم فيها، يُغمسون بين فكرة وكلمة قد تكبر وتثمر، أو تغوص وتفسد، فأي قيمة ايجابية يضيفها المشهور للمشاهد أو للمجتمع هي معيار، تحليه باللفظ الحسن دائماً معيار، احترامه لأخلاقيات المجتمع السعودي معيار، ترفّعه عن المشاحنات والبغضاء معيار، تجنبه للتنمر والسخرية معيار، ابتعاده عن التصنع والكذب معيار، صحة وسلامة الطرح معيار، سمو الهدف الإنساني على الهدف المادي معيار، فلو فرضنا قائمة بالمعايير وتم التصفية عليها بشكل جدي منّا جميعاً فرداً فرداً، لتقلصت القائمة وتكشّف المشاهير المزعومين، ولاطمأننا على ابنائنا ولو قليلاً خلال تصفحهم تلك المواقع، ولأجبرناهم على مراجعة محتواهم مره ومرتين قبل انقضاضهم على الكاميرات، كي لا نكون ضحايا تلك المنصات بل حكام لمن يظهرون عليها.