سلطان مصلح مسلط الحارثي
في البداية وقبل كل شيء، لابد أن نشكر القائمين على «بودكاست ثمانية» على كل الحوارات التي أجراها مع المسؤولين في كافة المجالات، ومن ضمنها المجال الرياضي، حيث ظهر فيه أكثر من مسؤول رياضي، مثل وزير الرياضة، ورئيس نادي الهلال، وأخيراً مدير قطاعات الترفيه والسياحة والرياضة والتعليم في صندوق الاستثمارات العامة الأستاذ مشاري الإبراهيم، كما نشكر مقدمه، المحاور الرائع جداً الأستاذ عمر الجريسي، الذي يعتبر من أروع المحاورين المتواجدين اليوم في الساحة الإعلامية، وما ظهور بعض المسؤولين معه إلا خير دليل على تميزه.
في حوار الأستاذ مشاري الإبراهيم الصريح والشفاف، اتضحت الكثير من الأمور الغامضة بعد أن استحوذ صندوق الاستثمارات العامة على أندية الهلال والاتحاد والأهلي والنصر، واتضحت المعاناة التي واجهها الصندوق من قبل الاتحادين الآسيوي والدولي، ومعاناتهم مع بعض الأندية التي كانت تعاني من «هشاشة» كادت أن تؤدي بهم إلى القاع لولا تدخل الدولة، وتسديد الديون التي قال الإبراهيم إنها وصلت إلى مليار وثلاثمائة مليون ريال في موسم 2018-2019، لتعود لنفس الرقم موسم 2021، وهذه كانت إحدى معاناة الأندية وجماهيرها ونستثني هنا نادي الهلال، الذي بحسب كل الحوارات التي أجريت مع المسؤولين، كانوا يشيدون بتميز الهلال، سواء كان الحديث «بالتلميح أو بالتوضيح».
ولكن هنا لابد أن نسأل عدة أسئلة، كيف وصلت ديون الثلاثة أندية إلى المليار وثلاثمائة مليون؟ وكيف بعد موسمين وصلت لذات الرقم؟ أين كان دور وزارة الرياضة؟ ألم تكن تحاسب الأندية على إهدارها للمال العام؟ ألم تكن رادعة للأندية التي شوهت سمعة الرياضة السعودية، حتى وصلت المطالبات المالية لـ2000 قضية بحسب ما صرح به الإبراهيم؟ وكيف وصلت الأندية لهذه المرحلة من التهاون؟
نعود لحوار مشاري الإبراهيم، الثري والمثري، والذي أكد المؤكد في جانب تميز الهلال عن بقية الأندية، حيث أشار إلى تفرده في جوانب الاستثمار والرعاية والتسويق والتنظيم بالإضافة لتميزه في كرة القدم قارياً وعالمياً، مشيراً إلى أن البعد التجاري في الهلال كان مميزا، وإن الهلال كناد يعتبر مؤسسة مميزة، وتجارياً هو الأميز بفوارق مضاعفة عن البقية، وهذا يتيح له شراء من يريد من اللاعبين من مداخيله، ويستبدل من يريد، وهذا فعلاً ما حدث خلال فترة التسجيل الصيفية الماضية، والتي أبرم الهلال صفقاته من خلال مداخيله ومن خلال دعم العضو الداعم الأمير الوليد بن طلال.
كما أشار الإبراهيم إلى تميز الهلال بتعاقب إداراته التي تملك كفاءات عالية، وذكر نصاً أنهم قادرون على قيادة المرحلة المقبلة، كما أشاد الإبراهيم بالهلال في جانب الاستثمارات وإنه يملك حصصا في شركات عقارية، وتجارة الكترونية، وغيرها من الاستثمارات، بالإضافة لذراعه الخيري الواضح، مشيداً بالجانب الرياضي في الهلال، وتميزه قارياً وعالمياً، وهذه شهادة حق لنادي الهلال، كان يدركها ويعرفها الوسط الرياضي، حتى وإن رفض الاعتراف بها البعض بسبب الميول، ولكن أن يقولها اليوم مسؤول من الجهة المالكة للنادي والذي يملك ثلاثة أندية غيره، فهذه تعتبر صك براءة للهلال ورجالاته وإداراته، وعلى طاري رجالاته وإدارته، فلابد أن نشير إلى إشادة الإبراهيم بالمدير الرياضي في فريق الهلال الأستاذ فهد المفرج، وتثبيته في منصبه، كونه مثلما وصف الإبراهيم «كفاءة أثره كان واضحاً في أرض الواقع»، وهذه شهادة من ضمن شهادات عليا، استطاع المفرج أن يحصل عليها كونه فرض نفسه من خلال عمله المميز.
ومما لفت انتباهي في حوار الإبراهيم، توضيحه بأن الاتحاد الدولي «الفيفا»، كان متشددا في جانب تملك أربعة أندية لمالك واحد! ولم يقتنع بهذا الوضع حتى وصلت له عدة ضمانات، مثل انفصال كل ناد بسجل تجاري، وانفصاله بشركة خاصة لكل ناد ليس لها دخل في الأخرى، ولكنهم رفضوا، ليأتي الضمان الثاني وهو وجود مجالس إدارات بصلاحياتهم، ورئيس تنفيذي منفصل، ولجان رياضية، ولكنهم رفضوا أيضاً، وطلبوا ضمانات أخرى، ليأتي الضمان الأخير، وهو وجود المؤسسة غير الربحية والتي تمثل جماهير الأندية، ومن هنا اقتنع الاتحاد الدولي، ليتضح للوسط الرياضي بشكل عام، لماذا لم يتملك صندوق الاستثمارات العامة الأندية بنسبة 100%، كما أشار الإبراهيم لمتابعة فيفا لحالة التملك، مؤكداً أنهم تلقوا 16 ملاحظة من قبل فيفا، كان من ضمنهم طلبهم إلغاء عقد القدية مع الهلال والنصر والبحر الأحمر مع الاتحاد والأهلي، كون هذه العقود كانت لأندية دون أخرى، فلابد أن القدية يرعى الأندية الأربعة وكذلك البحر الأحمر، ولكن صندوق الاستثمارات رد عليهم بأن هذه العقود قبل التملك، واتضحت الرؤية للفيفا، وهذا يؤكد على أن الاتحاد الدولي لكرة القدم، يراقب كل كبيرة وصغيرة، ويسعى لتطبيق «النزاهة» في كرة القدم، وفي هذا تطمين كبير لمن يشكك، وفيه رد كبير على من يسعى لإثارة الرأي العام ضد المالك، بتمييزه لنادٍ على حساب البقية.
في الحوار، شرح الإبراهيم صلاحيات مجالس الإدارات، التي ترسم الخطط العريضة للنادي، وتدعو للاجتماعات، كما شرح صلاحيات الرئيس التنفيذي الذي يدير النادي بشكل يومي، وشرح صلاحيات اللجنة الرياضية، وهي المسؤولة عن اختيار المدرب واللاعبين، مشيراً إلى أن فهد بن نافل لا يملك صلاحيات أكثر من غيره، وإن مسلي آل معمر ولؤي ناظر وإبراهيم المهيدب قبل أن يستلموا رئاسة أنديتهم، كانوا على اطلاع كامل بكافة التفاصيل، وكيفية اتخاذ القرارات، وهذا التصريح الواضح الشفاف، دحض كذب وافتراء إعلام كان يسعى لتشويه استحواذ الصندوق على الأندية، وإنه ميز الهلال عن غيره.
الحوار في مجمله كان ثريا وصريحا وشفافا لدرجة عالية، حتى أن الإبراهيم ذكر أنهم وجدوا في أحد الأندية، «برميل»، يستخدم فيه الثلج لاستشفاء اللاعبين!! وسيارة رنج روفر تحت مكب نفايات!! بالإضافة لتحفظهم على ميزانيات بعض الأندية، حيث لم تدقق بالشكل الصحيح، وإن هنالك لاعبا مسجونا لا زال يستلم راتبه، فهل بعد كل هذه «الفضائح»، يُلام المالك بعدم منح رؤساء الأندية صلاحيات إضافية؟ وفي نهاية هذه القراءة، نقول: على جميع الجماهير الرياضية التابعة لأندية الاتحاد والأهلي والنصر، أن تحمد الله على أن استحوذ عليها صندوق الاستثمارات العامة، وأنقذها من حالة الانهيار التي مرت بها، بناء على تصريحات المسؤولين في القطاع الرياضي، والمسؤولين عن الأندية الذين شرحوا وضع أنديتهم ومعاناتهم من القضايا الدولية، وشح الموارد المالية.