سلمان بن محمد العُمري
منذ أن وعينا الأحداث التي من حولنا وخاصة في المرحلة الابتدائية كان من أول ما لفت الانتباه هو يومنا الوطني، الذي كنا نرى مظاهر الاحتفال به فقط من التلفزيون والإذاعة؛ فنسمع ونشاهد العرضة السعودية، وبعض الأحاديث والمقابلات مع المهتمين بالتاريخ، وللأسف لم يكن مع الرجال الذين عاصروا رحلة التوحيد، أو من شاركوا فيها، وأذكر من بين من كان يتحدث في هذه المناسبة الأديب محمد حسين زيدان، وعبدالله بن خميس، وسعد الرويشد، وعبد الرحمن الرويشد، -رحمهم الله-، ومقالات يسيرة في الصحف مع الملاحق الصحفية التي يغلب عليها الإعلانات الكثيرة للمؤسسات والشركات خاصة مع بداية الطفرة التي بدأت في عهد الملك خالد-رحمه الله-، وينقضي ذلك اليوم الذي بقي في الذاكرة، والذي يصادف يوم الثالث والعشرين من شهر سبتمبر كل عام ميلادي، ويصادف أيضاً أول برج الميزان، ولم يكن هناك عطلات للمدارس ولا للموظفين بل حتى السلام الملكي والنشيد الوطني المصاحب له لم يكن معروفاً سوى كلحن دون كلمات، ولم أذكر أننا كتبنا في مادة التعبير عن مشاعرنا تجاه هذا اليوم، وكنا نكتفي في ذلك بقراءة تاريخنا الوطني في مادة التاريخ في الصف السادس الابتدائي والثالث المتوسط، وفي نهاية المرحلة الثانوية وذلك حسب تقسيم منهج التاريخ آنذاك.
واليوم ومنذ ما يزيد على عقدين بدأنا نلمس تغيراً جذرياً في الاهتمام باليوم الوطني والتربية الوطنية التي أصبح لها منهج دراسي منذ مدة، وأصبح هناك فعاليات ومهرجانات واحتفالات فردية وجماعية في عموم مناطق المملكة، ويشارك المواطن والمقيم، والكل يعبر عن فرحته في هذا اليوم الوطني البهيج، ويبقى التاريخ المدون كتابة وصوتاً وصورة هو الأبلغ في تخليد التاريخ، وللأسف أن هذا قليل جداً، وقد كانت هناك لقاءات تلفزيونية أجراها الدكتور عبد الرحمن الشبيلي لتلفزيون الرياض فترة من الزمن ثم أوقفت، أو توقفت ولا تزال سجلاتها في التلفزيون، ومن المهم أن تبرز وتظهر للجميع، كذلك هناك برنامج كان في دارة الملك عبد العزيز لتوثيق التاريخ الشفوي، وقام فريق من الدارة بعمل لقاءات مع كبار السن الذين أدركوا مرحلة التوحيد والبناء، والتقوا بمئات الأشخاص، ولكن هذه اللقاءات حبيسة الأدراج والأرشيف، ولربما يقول قائل: إن بعضها غير صالح للنشر، ولا ضير في ذلك فلينشر منها ما يصلح للنشر، ويحتفظ بما دون ذلك لا أن يتم حجب التاريخ كاملاً، لأنه ومع الأسف ظهر في الآونة الأخيرة من يدعي ما ليس له فيقول: كان أبي وجدي وينشر عبر مواقع التواصل أخباراً عن أمجاد ربما تكون مزعومة أو مبالغ فيها من أجل (المهايط) وهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة والتاريخ الفعلي، وربما قلب الحقائق من أجل الثناء على أبيه وجده وبلدته، والتاريخ أمانة. وأتمنى أن يسار إلى عمل فيلم وثائقي تاريخي يحكي مسيرة الوحدة والبناء وما كانت عليه البلاد من خوف ومنازعات وفتن، وما منَّ الله به تعالى على هذه البلاد على يد الإمام المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود-رحمه الله-الذي وفقه الله جل وعلا لتوحيد البلد حتى أصبحت آمنة مطمئنة، وساق الله لها الخيرات، وسار على نهجه أبناؤه البررة -رحمهم الله-، وحتى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله-.
أدام الله الأمن والإيمان والخير والبركات على بلادنا، وحفظها من شر الأشرار وكيد الفجار.