تغريد إبراهيم الطاسان
عندما وصلت اول طائرة إلى الرياض لأول مرة في تاريخ المملكة عام 1945 تقريباً، كان ذلك حدثًا تاريخيًا لا يُنسى، فقد أذهل الجميع وجذب الأنظار إلى السماء التي زُينت بأصوات المحركات العملاقة. تفاعل الناس مع هذا الحدث كان عظيمًا ومليئًا بالفخر، فقد شكلت هذه اللحظة بداية عهد جديد من التقدم والحداثة. كان وصول الطائرات أكثر من مجرد وصول تقنية جديدة، بل كان رمزًا لحلم الشعب السعودي وقدرته على تحقيق المستحيل.
عندما تحلق الطائرات في سماء الرياض اليوم، لا ننظر إليها فقط على أنها وسيلة نقل أو أداة للسفر، بل نرى فيها صورة لطموحنا المستمر نحو الأمام. رؤية الطائرات تذكرنا بقصة تطور المملكة، بداية من ذلك اليوم الذي وصلت فيه أول طائرة، وحتى اليوم الوطني الذي نحتفل فيه بإنجازاتنا المتتالية. في كل مرة نشاهد طائرة تحلق، نسترجع قصتنا كأمة بدأت بتحقيق أحلام كانت تبدو للبعض بعيدة المنال.
وفي مشهد استثنائي، ومع اقتراب احتفالات اليوم الوطني، شهدت المدن السعودية وصول الطائرات التي انطلقت من جدة عبر البر، مرورًا بعدد من المدن وصولاً إلى الرياض. هذه الرحلة البرية كانت مليئة بالتفاعل والحماس، حيث تفاعل المواطنون والمقيمون على امتداد الطريق مع هذا الحدث المميز الذي جسد الحلم السعودي وروح الوطنية.
كانت الطائرات وهي خارج الخدمة الوظيفية في السماء، ملفتة للأنظار وهي تمشي على الأرض، تعكس روح الاحتفال باليوم الوطني نحلم ونحقق.
مرت الطائرات بمحطات عدة، حيث تجمع الناس على طول الطريق وفي المدن التي مرت بها لالتقاط الصور والمشاركة في هذه الفعالية الرائعة. الأطفال والكبار على حد سواء كانوا ينتظرون بشغف مرور هذه الطائرات، وهي ترمز إلى التطور والتحول الكبير الذي شهدته المملكة في مجالات الترفيه والسياحة والتطور الاجتماعي.
هذه الطائرات ليست مجرد وسائل ترفيه عابرة، بل هي رمز للتغير الكبير الذي تشهده المملكة، والتحول الذي نعيشه نحو مستقبل مليء بالابتكار والفرص. لقد أصبحت المملكة وجهة للترفيه والسياحة، وتحرص على تقديم كل ما هو جديد ومميز لأبنائها وزوارها، وهذا ما جسدته هذه الطائرات التي جلبت معها الفرح والتفاعل الإيجابي من جميع الفئات العمرية.
ما جعل هذه الطائرات مميزة، هي الطريقة التي عبرت بها عن حلم الشعب السعودي. نحن شعب نحلم ونعمل على تحقيق أحلامنا بكل جد وإصرار. تلك الطائرات التي عبرت الصحراء والمدن كانت تروي قصة المملكة العربية السعودية، تلك الأمة التي تحلم دائمًا بما هو أكبر وتسعى لتحقيقه.
من مدينة إلى أخرى، كانت الطائرات تنقل معها رسالة فخر وعزة، وتذكر الجميع بأن السعودية اليوم بكل تحولاتها وانطلاقها بسرعة البرق نحو واجهة التميز العالمي، هي نفسها سعودية الأمس القوية الشامخة المعطاءة، هي نفسها الدولة ذات القيم والمبادئ، والمجد والطموح، ولكنها لبست حلة التجديد لتواكب متغيرات الوقت وتحلّق نحو آفاق جديدة.
ارتبط هذا الحدث باليوم الوطني بشكل وثيق، ففي كل مرة مرّت فيها الطائرات عبر مدينة أو قرية، كان الناس يتذكرون معاني الوطنية والفخر بالوطن. اليوم الوطني هو ليس مجرد يوم نحتفل فيه بالإنجازات الماضية، بل هو مناسبة نؤكد فيها أن الحلم مستمر، وأن المستقبل مشرق بأيدينا بعد عون الله. لذلك كانت رؤية الطائرات المتقاعدة وهي تمشي بهيبة وشموخ وسط الصحراء وداخل القرى والمدن مثيرة لفرح الناس، محفزة لأرشيف الذاكرة ليستحضر بقوة الوحدة الوطنية والإنجازات العظيمة التي حققناها معًا.
وفي الرياض، كان الختام الأكبر لهذا الحدث المميز، حيث استقبلت العاصمة الطائرات وسط أجواء احتفالية ضخمة. توافد المواطنون إلى الأماكن المخصصة لرؤية هذه الطائرات عن قرب، وكان الحماس واضحًا في عيون الجميع. الأطفال كانوا يحلمون بالركوب فيها يومًا ما، بينما الكبار استعادوا ذكريات الطفولة عندما كانت مثل هذه الفعاليات نادرة في المملكة.
بهذا الحدث، ربطنا بين الماضي والحاضر، وبين الحلم والواقع. الطائرات الترفيهية التي انطلقت من جدة مرورًا بالمدن ووصولاً إلى الرياض، ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي رسالة قوية لكل مواطن سعودي: نحن شعب نحلم ونسعى لتحقيق أحلامنا، وأمتنا مستمرة في التحليق نحو مستقبل أفضل. في كل يوم وطني، نتذكر أن الإنجازات التي نراها اليوم كانت في يوم من الأيام مجرد أحلام، واليوم، نحن نعيشها واقعًا بفضل بركات الله ثم رؤية القيادة وإرادة الشعب.
اعاد الله علينا يومنا الوطني قروناً وقرونا، ونحن بهذا الوطن الحبيب بألف خير، تحت ظل القيادة الغالية، وبين شعب متكاتف متحاب، وبلحمة وطنية متماسكة.