خالد بن حمد المالك
لم يعد اليوم الوطني الذي تصادف ذكراه الـ94 غدا يوماً عابراً في حياة كل مواطن، نستقبله دون معرفة مراميه، وما يرمز إليه، وما يمثله من قيام دولة عظيمة، ونهضة شعب، ومسيرة في عمق التاريخ.
* *
اليوم الوطني ليس إجازة يوم للموظفين والطلاب، ولا مشاهد احتفالية تكتفي بإبهاج المواطنين، واستحضار فرحهم لساعات ما تلبث أن تختفي إلى حين أن يأتي موعد اليوم الوطني من العام القادم.
* *
ويوم المملكة الوطني ليس تقليداً عاديا وروتيناً في حياة كل منا، دون أن نتعمق بما وراءه وقبله، من تاريخ بهي، ورجال أشاوس، وهدف لصناعة مستقبل دولة عظمى كما هي اليوم.
* *
اليوم الوطني بدلالاته، وأبّهته ومعناه، وفلسفته، وهدفه، هو ذكرى لإنجاز عظيم،وفرح لا ينتهي على البدايات والنهايات والمستقبل المنتظر، بثقة وإصرار وعزيمة، واستكمالاً لما بدأه الأولون، وما تركه السلف للخلف لاستكمال المسيرة المظفرة.
* *
في يومنا الوطني هناك ما يرفع الرأس، ويقوي العزائم، وبما نحاكي به ما صنعه وفعله السابقون، من الأجداد والآباء والمواطنين كل في مرحلته وفترة حياته من أعمال خالدة أقاموا بها هذا الكيان العظيم.
* *
كان عبدالعزيز قائداً لهذه المسيرة، بشجاعته وهيبته، وفكره، وحلمه، وحكمته،وحنكته، وقبل ذلك بإخلاصه لدينه، يتقدم الصفوف في القتال، فيزرع الثقة والإقدام في رجاله الأوفياء الشجعان، دون خوف أو خور أو تراجع منهم عن الهدف الذي رسمه لهم قائدهم عبدالعزيز.
* *
وكما قيل، فما حدث إنما هو (معجزة فوق الرمال) فقد قامت الدولة الفتية على هذه المساحات الشاسعة من الأرض، كوردة في هذه الفيافي الصحراوية التي غاب عن العالم إدراك أهميتها، ولكنها لم تغب عن حكيم وقته وزمانه الملك الصالح عبدالعزيز.
* *
وبعد عبدالعزيز -رحمه الله-، كان الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- مشاعل نور، وأقباسا من ضياء، وإشراقات لأمجاد يستكملون كل وفترة حكمه ما بدأه الوالد عبدالعزيز، وأوصاهم به، وأكد عليه.
* *
وحين بويع الملك سلمان ملكاً للمملكة العربية السعودية، واختار لولاية العهد الأمير محمد بن سلمان رأينا ما يستحق التوقف مع كل جديد تزامن تحقيقه مع هذا العهد الزاهر، بما يستحق معه أن يكون الاحتفال باليوم الوطني لائقاً وجديراً بإبراز كل منجز من المنجزات الكبيرة التي ولدت بفكر سلمان ومحمد.
* *
فقد تم تمكين المرأة من كل حقوقها الشخصية، فهي اليوم تتصدر عدداً من المواقع المهمة في الدولة، وتقود سيارتها، وتسافر وتتحرك دون محرم ثقة بها، وعدم خوف عليها، وهي تمارس الرياضة، وتمثل المملكة فيها بالخارج، وغير ذلك كثير.
* *
في الترفيه، أزيلت الهواجس، وتقديم المبررات التي كانت موجودة دون سند شرعي، وسمح للترفيه على أوسع نطاق كحق للمواطن والمقيم، ولم يعد من المحرمات، وليس به ما يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا.
* *
وتوسع الدعم للرياضة وتخصيصها، فأصبح نجوم العالم في ملاعبنا، وبين أنديتنا، وبذلك أصبحت المملكة واجهة للرياضة والترفيه، وتالياً دولة ضمن الدول المستهدفة سياحياً، مع تسهيلات لقدوم من يرغب الاستمتاع بأجواء المملكة.
* *
وتزامن كل هذا مع اختيار المملكة لتنظيم كأس العالم، والبطولة الآسيوية، والإكسبو، وهي إحدى دول مجموعة العشرين، تقديراً وتثمينا لمكانتها وقدراتها الاقتصادية، وتأثيرها سياسياً ودولياً في العالم.
* *
وهناك إنجازات هائلة ضمن رؤية المملكة 2030 حيث يتم الآن إنشاء أكثر من عشرة ملاعب رياضية دولية في خمس مدن بالمملكة، ومدينة ضخمة لاحتضان (الإكسبو) ومطار الملك سلمان، والدرعية، والقدية، والمسار الرياضي، و(الداون تاون) الجديد، وأطول برج في العالم، والعلا، ونيوم، وجزر البحر الأحمر، والسودة، وجدة القديمة، ولا زال مشوار التجديد والتطوير مستمراً.
* *
وهكذا يسير اليوم الوطني من عام لآخر، وإلى ما شاء الله، يترجم التاريخ ويعيد حركته في كل ما ذكرناه وأكثر، يستعرض الحاضر والماضي، وبما سيكون عليه المستقبل، بكل ما حفلت به من دروب ومسارات إنمائية وحضارية، وتغييرات إيجابية، وتقدم بخطى ثابتة نحو آفاق واسعة ومدروسة في بناء الدولة العصرية المتجددة التي يتم التخطيط لها.