وفاء سعيد الأحمري
الوطن ليس مجرد بقعة جغرافية يعيش الإنسان عليها، بل هو المكان الذي يشعر فيه بالانتماء والهوية، هو المكان الذي يجمع بين الحاضر والمستقبل في آن واحد. نحن كسعوديين نفخر بالوطن الذي خطى خطوات جبارة نحو التحول التقني والرقمي، وجعل من المملكة نموذجاً يحتذى به في مجالات التكنولوجيا الحديثة.
خلال فترة ابتعاثي التي امتدت لسبع سنوات لدراسة الماجستير والدكتوراه، كنت دائماً أتساءل عن تأثير الغربة على انتماء أبنائي لوطنهم.
ولكنني، مثل كثيرين، فوجئت بتمسكهم وفخرهم الدائم بوطنهم رغم البعد الجغرافي. فالفخر في المملكة ليس مجرد شعور، بل هو جزء من هويتنا وجيناتنا الوطنية التي تتجذر وتزدهر عبر الأجيال.
أثناء زياراتي لدول أوربية عديدة مثل فرنسا والنمسا وسويسرا وبريطانيا، لمست فجوة ملحوظة في مستوى التقنية مقارنة بما اعتدنا عليه في المملكة.
وعلى الرغم من أن هذه الدول تُصنّف من الأوائل في مجال التطور، إلا أنني اكتشفت أن بعض الخدمات التكنولوجية التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية في المملكة لم تكن متوفرة لديهم بنفس المستوى. حتى طفلي الصغير، حمد، الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره، عبر عن دهشته أثناء السفر لهذه الدول قائلاً لأخيه مازحاً: «وين يا ريان تحسب أننا في المملكة!»، مشيراً إلى افتقاده لبعض التقنيات والخدمات التي اعتاد عليها في وطنه.
إن هذا التطور السريع في المملكة ما هو إلا جزء من رؤية المملكة 2030، التي حولت المملكة إلى مركز تقني عالمي. من انتشار شبكات الجيل الخامس (5G) إلى التقدم الهائل في مجالات الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية، أصبحت التقنية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. واليوم، تحتضن المملكة المشاريع الكبرى مثل «نيوم» و«القدية» و»مدينة الملك عبد الله الاقتصادية» التي تمزج بين الابتكار والتكنولوجيا.
وفي إطار هذه الثورة التقنية، نظمت المملكة قمة الذكاء الاصطناعي العالمية التي انعقدت في الرياض، لتكون منصة عالمية تستضيف أبرز الخبراء والشركات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
هذه القمة تأتي كجزء من جهود المملكة في جعل الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية لدعم الاقتصاد وتحسين جودة الحياة. وستستمر المملكة في استضافة مثل هذه القمم، مما يجعلها مركزاً عالمياً للإبداع والتطور التكنولوجي.
هذا التقدم لم ينعكس فقط على المستوى التقني، بل عزز من فخرنا وانتمائنا لهذا الوطن. فنحن كسعوديين، عندما نرى وطننا ينافس الدول الكبرى في مجالات التقنية، نزداد فخراً واعتزازاً بما تحقق. أبنائي، رغم ابتعادهم لفترة طويلة عن الوطن، لم يفقدوا هذا الانتماء، بل ازدادوا فخراً بما يراه العالم اليوم من تطور مذهل في وطنهم.
في الختام، يمكننا القول إن المملكة اليوم تمزج بين أصالة الماضي وتقنيات المستقبل، لتكون رمزاً للابتكار والتقدم. وكل عام ونحن نحتفل بوطننا، الوطن الذي يواصل مسيرته نحو القمة، يداً بيد نحو مستقبل أكثر إشراقاً.