طفلة النفيعي
تلك هي قوة الحلم الذي تحقق في حياة البطل الأسطوري والذي يكمن في إيمانه القوي بقيمة الهدف الذي يسعى له و هو الحلم الذي راوده مُنذ سنوات عمره الأولى وأثناء إقامته لفترة في الكويت مع والده الإمام عبد الرحمن - رحمه الله-، وكان عمره لم يتجاوز العشرين عاماً، هذه هي شخصية البطل الأسطوري (معزي) أخو نورة الشخصية المُلهمة للشباب و لكل قارئ في تاريخ العظماء والتي يبرهنها هذا البيت الشعري العظيم:
وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً · تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ.
نعم، كان حلما يراوده طوال فترة زهرة شبابه الأولى، ويحلم بهِ ليله ونهاره لتحقيقه على أرض الواقع، وكان في صراع عميق مع ذلك الهاجس الذي يؤرقه ويعد له العدة بقوة إيمانه في استعادة ملك آبائه واجداده المسلوب بغير وجه حق، ولكن هيهات هيهات أن تطول به الغربة بعيداً عن وطنه وداره؛ إذ عقد العزم أخو نورة مؤسس الدولة السعودية الثالثة في تلك الليلة دامسة الظلام حتى لا تتخطّفهم الأعين الساهرة، تلك الليلة الشهيرة والعظيمة في صفحة التاريخ المجيد للمملكة العربية السعودية لتكون بداية الانطلاق لبناء هذا الكيان الشامخ، واستعادة الحق لأصحابه، فما أُخذ بالقوة يسترد بسطوة القوة؛ فقد انطلق الفارس الشاب عبدالعزيز بن عبدالرحمن ومعه رجاله الأوفياء الأربعين (وقيل الستين) تحت ستار الظلام الدامس الذي كان خير ستار لهم وبالرغم من وعورة الطريق وعدم الأمان من مباغتة الأعداء له ورفاقه على حين غرة، كانت القوة التي يستمدها بعد التوكل على الله والاستعانة به سبحانه هي قوة الإيمان بحقه المشروع وقوة التوحيد، وسمو الهدف والحلم العظيم بخطة مُحكمة رغم قلة العدة والعتاد، وكأننا نتخيل لسان حاله في تلك الليلة «ومعزي» يردد:
«يضحك ليا صكت عليه الطوابير.. طير السعد قلبه من الخوف خالي».
ليتم بعد ذلك فتح الرياض في يوم الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م والذي كان علامة فارقة في التاريخ الحديث لينادي المنادي «الحكم لله ثم لعبدالعزيز، الحكم لله ثم لعبدالعزيز «إعلاناً لبداية فجر جديد وليتحقق بعد ذلك الحلم الكبير بتوحيد البلاد والأقاليم من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، وذلك في ذلك اليوم التاريخي 17 جمادى الأولى 1351هـ حيث صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
تحت بيرق التوحيد ومفتاح الإسلام شهادة لا إله إلا الله محمد رسول الله، واليوم ونحن نحتفل بتوحيد المملكة في اليوم الوطني الرابع والتسعين نردد: «مني عليكم ياهل العوجا سلام»