د. مشبب بن سعيد بن ظويفر
الاحتفال باليوم الوطني في المجتمع السعودي أصبح عرفًا وتقليدًا يمثل مراسم خاصة متعارف عليها؛ لكي تأخذ بعدًا رمزيًّا، ودلالاتٍ ومعانيَ لمناسبة تتكرر كل عام، ونحن في عام 1446هـ نستقبل اليوم الوطني 94 ونستقرئ من خلاله مسيرة النهضة التنموية التي تحققت في زمن قياسي قصير، ذلك غير أن هنالك أبعادا هامة جدا أعطاها الله هذا البلد العظيم وهي تميز المملكة العربية السعودية بقيمتها الدينية، والسياسية، والجغرافية، والاقتصادية بين دول العالم.
إن ذكرى تأسيس الدولة، واستمرارية وجودها، وتنميتها وتقدمها، ورفاهية مواطنيها، من أجل المُضِيِّ قُدُمًا في طريقِ النموِّ والتطويرِ والبناء، يحفزِ جيل الحاضر للمحافظة على مُكتَسبات الوطن وثرواته وإمكاناته، وتأكيد وحدةِ الصفِ، واللُحمةِ الوطنيةِ، والترابطِ الاجتماعي.
إن هذا التطور والتحول يعود إلى ما رسمه لنا (رأس المال الكبير) المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى الذي وحد وجمع شمل هذا الوطن المترامي الأطراف وكون وبنى لنا هويتنا الوطنية بين شعوب العالم وفي أطهر بقاع العالم وجعلها سلوكا وممارسة وإحساسا.
إن حكومة المملكة منذ توحيد الدولة اعتبرت هذا العنصر الهام (رأس المال البشري)ذا قيمة هامة وحيوية من مختلف الفئات والمستويات والتخصصات وكدعامة حقيقية هامة استندت عليها الدولة؛ معتبرة هذه القيمة الغالية لديها من أهم المرتكزات التي يقوم عليها الوطن ورفاهية المواطن، وقد بنى عليها الساسة من رموز الوطن الغالي في المجتمع السعودي مسؤولية هامة في البناء والتنمية ليكون هذا الوطن حاضنا للجميع وكيانا وطنيا هاما وشامخا، وذلك ابتداء من الجهود العظيمة والمبذولة التي قدمها لنا المؤسس لهذا الوطن الغالي وما تعاقب من بعده في قيادة هذا الوطن من رموزا هامة وصولا للملك سلمان وولي عهده الأمين محمد بن سلمان حفظهما الله تعالى، ما هي إلا منظومة هامة من العمل الدؤوب التي تمثلت في تجسيد الوحدة واللحمة الوطنية، وما الاحتفال باليوم الوطني السعودي لعام 94 إلا امتداداً لهذه الانجازات والجهود التنموية الجبارة التي قام بها القادة لهذا الشعب الكريم..
بارك الله جهودهم ومساعيهم في ايجاد وتحسين وتطوير سبل العيش الكريم. إن الخطط الخمسية الماضية وما توصلت إليه من إنجازات تنموية، ومن ثم جاء بعدها الرؤية المباركة 2030 وما تسعى إليه من إنجازات جبارة لمستقبل قريب وواعد ما هي في تصوري إلا محاولة لإيجاد التوازن بين الرفاهية المجتمعية للمواطن وبين التكلفة والعائد.
فاغلب شباب وشابات الوطن لديهم طاقات وقدرات ذهنية تفوق الكثير وغير المتوقع من واقع ما قدمته لهم الحكومة أدامها الله من رعاية فائقة لهذا العنصر الهام، من رعاية صحية وتعلمية وترفيهية.. الخ، وقد تم استغلال هذه العناصر ذات القيمة العالية والاستفادة منهم لكونهم المصدر الحقيقي على تحقيق الإنجازات والابتكارات العظيمة والمبادرات غير المسبوقة في ظل المنافسة العالمية على مستوى التعليم والصحة والسياسة والتصنيع.. الخ، ولا شك أن رأس المال البشري طاقة ذهنية و قدرة فكرية ومصدر للمبادرات والابتكارات وعنصر فاعل إذا أحسن اختياره وإعداده وتكوينه وإسناد العمل المتوافق مع مهاراته ورغباته وقدراته، لكي يزيد عطاؤه وترتفع كفاءته بالشراكة مع مجموعة فريق العمل وتحمل المسؤوليات لتحقيق المأمول والمرجو منه، أن السنوات الماضية حققت المملكة تقدما عالميا غير مسبوق في تطوير المدن الصناعية ونظم شبكات الاتصالات والحوسبة، ناهيك عن التقدم الصحي والتعليمي يعود الفضل إلى حرص القيادة الحكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أمده الله بالصحة والعافية-، ومن ثم المراقبة والمتابعة لمهندس الرؤية ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله الذي انتزع جذور الفساد وطور المدن وعلى سبيل المثال نيوم والقدية والسودة والعمل جار على ساق وقدم لتحقيق متطلبات ومستهدفات الرؤية.
وبالوقت نفسه نجد التوجه الكبير ضمن برامج الرؤية الطموحة خاصة برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يهدف إلى «تحسين مخرجات منظومة التعليم والتدريب في جميع المراحل الدراسية من خلال برامج تعليم وتأهيل وتدريب تواكب مستجدات العصر ومتطلباته وتتواءم مع احتياجات التنمية وسوق العمل المحلي والعالمي ومتطلبات الثورة الصناعية وعن طريق الشراكة، للإسهام في تطوير المعلمين وأعضاء هيئة التدريس واستحداث سياسات ونظم تعليمية وتدريبية تعزز من كفاءة رأس المال البشري بما يتوافق مع الرؤية لتحقيق الشمولية والجودة وتعزيز مكانة وريادة المملكة، وبالتالي تكامل الجهود لوضع الخطط الاستراتيجية الطموحة ستعزز الاستثمار لرأس المال البشري وستجد تميزا واستثمارا أمثل لهؤلاء الشباب والشابات بلا حدود لخدمة وطننا الغالي وسنستشهد بها في العام القادم 95 إن شاء الله تعالى.
* * *
- أستاذ الجريمة والإصلاح بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية