صبحي شبانة
يظل توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود هو الأهم في القرن العشرين، فلم يحمل لنا التاريخ أن رجلاً مع نفر قليل من رجاله استطاع أن يوحد صحاري مقفرة متناثرة يعتاش على فيافيها قبائل متصارعة متحاربة، ذلك الرجل الفولاذي الذي تسلح بالإرادة الصلبة والقدرة على التحدي والتخطيط الاستراتيجي في زمانه الذي يفتقر كل مستحدثات عصرنا الذي نعيش فيه والتي تأخذنا إلى عوالم لا ندري إلى أين تنتهي؟، وعلى أي وضع سيكون العالم بعد سنوات قليلة معدودة في ظل عالم يتشكل، تصيره الحروب والأوبئة، والثورة المعلوماتية اللانهائية التي تأخذنا إلى مآلات تأخذنا رغماً عنا ونجهلها ولا نملك الفكاك منها أو التخلف عن ركبها.
94 عاماً مرت على تأسيس المملكة، وأقول بفخر وأنا مواطن مصري عربي جاب العالم شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً أن سعودية اليوم في ظل رؤية المملكة 2030، لا تضاهيها دولة في العالم ، ولو أن هناك قدراً من الإنصاف لاختيرت على قائمة عالم اليوم، فهي الدولة الأكثر تطوراً والأكثر حداثة، يعيش على أراضيها، وتستقبل موانيها كل عام عشرات الملايين من شتى أصقاع الدنيا، تلقاهم بحب، وأذرع مفتوحة، ووجوه باسمة تملأ المطارات التي تعد الأكثر تقدماً وتطوراً وتيسيراً في العالم، المملكة محط أنظار العالم، والقبلة التي يهوي إليها، وينشدها مئات الملايين، فالمملكة في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان دولة وازنة تؤثر إيجابياً في عالم اليوم، فهي الدولة الأكثر تأثيراً في عالم اليوم لمكانتها الدينية والروحية، وهي الأكثر تأثيراً في عالم اليوم بفضل حكمة وحنكة ووعي قيادتها، وهي الدولة الأكثر تأثيراً في عالم اليوم لما تمتلكه من اقتصاد قوي متعاظم.
1930- 2024، مدة زمنية في عمر الزمن ليست بالطويلة، ولكن بقليل من التأمل والتفكير وقدر من العصف الذهني، من الواجب بل من المفترض أن نتساءل، ما الذي حدث؟ وما الذي يحدث في هذه البقعة من الأرض التي تعادل مساحة جغرافيتها 70 % من قارة أوروبا؟، قد تكون الإجابة إنها الإرادة، لكن الإيمان بقدرة الشعب السعودي، والتلاحم والانسجام بين المواطنين والقيادة، من وجهة نظري يسبق الإرادة رغم أهميتها وتوفرها، فالتلاحم الجدي العميق بين القيادة والشعب لا يحتاج إلى دليل، ولا جهد في التبيان فهو جلي وواضح لا يخطئه أحد، والحب الجارف بل حالة العشق الذي يكنه الشعب السعودي بطول البلاد وعرضها لخادم الحرمين وولي عهده متجذر وعميق، وشواهده تلمحها في العيون اللامعة، وحالة الرضا التي ترتسم على الوجوه، فلم أجد شعبا في العالم يحمل كل هذا الحب والتقدير مثلما أجده من الشعب السعودي لخادم الحرمين وولي عهده، وذلك في تقديري يرجع إلى التقارب الشديد فلا توجد مسافات فاصلة، وليس هناك فوارق بين أمير ومواطن فالجميع أمام القانون سواء، وأبواب الديوان الملكي مشرعة أمام الجميع مواطنين ومقيمين، والعدل والإنصاف هو ديدن أهل الحكم.
إن اليوم الوطني فرصة لاستلهام روح العمل والإنجاز واستحضار الدروس والعبر من توحيد هذه البلاد، وكيف أن الوحدة التي بسطها الملك المؤسس على ربوع شبه الجزيرة العربية مثلت بذوراً للاستقرار والنماء في هذه الأرض الطيبة المباركة الداعية إلى السلام، الساعية نحو غد أفضل بتكاتف وتلاحم أبنائها. كما أثمرت تلك الوحدة عبر عهود متتالية عن بناء الدولة الحضارية الحديثة التي تتمسك بشرع الله دستوراً وتعاليم الإسلام وقيمه منهجاً، أثمرت عن نهضة تنموية جعلت من المملكة واحدة من أكبر عشرين اقتصاداً على مستوى العالم، إضافة لما تمثله من ثقل سياسي عربياً وإسلامياً ودولياً كعضوٍ مؤثر وفاعل بالمنظمات الإقليمية والدولية.
بالتأكيد أن اليوم الوطني للمملكة يجسد ذكرى ملحمة تاريخية نجح فيها الملك عبدالعزيز، في توحيد البلاد وتأسيس هذا الكيان الشامخ الذي نفخر ونعتز به جميعاً، فالمملكة تعيش اليوم مرحلة فائقة من التطور الاقتصادي والحضاري، حيث بدأت المملكة مسيرة البناء والتنمية في زمن وجيز وحققت إنجازات ونجاحات يعتز بها كل العرب والمسلمين.
تعد الذكرى 94 لليوم الوطني مناسبة مهمة نستلهم منها معاني كبيرة تتمثل في الاعتزاز بالمملكة والفخر بما صنعه الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه من توحيد أجزاء الوطن ووضع الأسس لبناء دولة عصرية حديثة. إن ما تحقق من نهضة وتنمية شاملة في المملكة عبر الحقب المختلفة تبدو ملامحه واضحة للعيان.
في ذلك اليوم قبل 94 عاماً تحققت المعجزة الكبيرة وتوحد الوطن، وكانت بداية موفقة لمسيرة قائد رائد ولمسيرة وطن وشعب وملحمة إنجاز خالدة ما زال المتابعون لها يدرسون أبعادها وما تحقق من مؤشرات خالدة تتمثل في الثوابت والمنجزات الهائلة التي حققتها المملكة خلال العقود الماضية والتي تعد شواهد مؤكدة على نجاح التخطيط وشمولية العطاء وبعد النظر لقادة هذه البلاد، فقد تحوّلت المملكة إلى واحة أمن وأمان واستقرار ورخاء ورفاهية في عالم يموج بالصراعات والتقلبات، وحققت السعودية ملحمة تنمية فريدة لتميزها بالشمولية والبُعد عن العشوائية، واعتمادها مبدأ التخطيط والدراسة، وتواصلت مسيرة التنمية منذ عهد المؤسس مروراً بأبنائه البررة الذين أكملوا المسيرة حتى هذا العهد الزاهر الميمون.