مشعل الحارثي
نحمد الله أن يأتي علينا اليوم الوطني (94) وفي هذه الساعة التاريخية من زمن الأوطان والسعادة تغمرنا، والبشر يعلو وجوه الصغير والكبير، لنحتفل بمظاهر الحب والوئام والالفة والانسجام الذي يجمع بيننا قيادة وشعباً كأسرة كبيرة وعائلة واحدة، ونجدد معه فرحة الانتماء والولاء، والمودة والإخاء لهذه القيادة الحكيمة ولوطن الطهر والقداسة، والعز والشموخ، والرخاء والازدهار، لوطن عشقناه منذ الصغر ونقش حبه في قلوبنا كنقش على حجر لا يبلى ولا يندثر.
نحمد الله أننا في وطن تكمن قوته في عصمته بدينه ومبادئه وتقاليده العربية الأصيلة، وطن الإنسانية وحب الخير والمواطنة والتسامح والعطاء، وإعلاء شأن الإنسان لتكون الحياة زاهية بالعقول الواعية، والقلوب المخصبة بالقيم والشيم وعاليات الهمم.
نحمد الله أننا في وطن أمنت قيادته منذ الخطوة الأولى بالوحدة والتوحيد، وحدة الإنسان ووحدة الأرض من البحر إلى البحر ومن الصحراء إلى السهل والجبل والتي لم تحدث فجأة وكانت وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة حتمية لمسيرة جهاد طويلة للباني المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - غفر الله له - صاحب العبقرية الفذة التي صنعت المعجزة ومنحت الأشياء بريقها الأنيق ووضعت الأمور في نصابها الصحيح، حتى سلم الراية وقيادة سفينة الخير والعطاء من بعده لأبنائه الملوك الذين حملوا على عواتقهم وبكل مسؤولية واقتدار نبل الرسالة وعظيم الأمانة، لتتحول كل تلك الجهود إلى منجز عالمي يشار إليه بالبنان ووطن ينظر إليه التاريخ بعيون كلها فخر وإعجاب ومهابة وتقدير.
نحمد الله أننا محمولون على كف الوطن ومن صلبه ونثه وترابه، وأننا قطعنا الرحلة إلى المستقبل وصنعنا تجربتنا وارسينا هويتنا في زمن وجيز، وامتلأت ذاكرتنا وذكرياتنا بالكثير من تفاصيل هذه الرحلة وصعوباتها وتحدياتها وهباتها الجميلة، وكيف استطاع هذا الشعب أن يصنع المستحيل ويرتقى إلى القمة العالية بأوتاد الذين أرسوا الدعائم وشدوا العمائم ليكون الوطن قامة ومقامة وهامة لا تقبل الانحناء والانثناء إلا لخالق الأرض والسماء.
نحمد الله أننا في وطن أصبح الطموح والحلم له واقعاً نعيش تفاصيله ومنجزاته في كل يوم، ويسير بتوفيق من الله وفق رؤية صحيحة ومنهج واضح وشفاف، وطن لا يجيد الا لغة الفرادة والتميز، ولا يكتفي انسانه بزخرفة الأحلام بل يؤمن بها ويسعى جاهداً إلى تحقيقها بكل قوة وعزم وإصرار، بعد أن أصبح هو محور التنمية وأساس البناء وحظى بأولوية قصوى في هذه المسيرة الشاملة، وأغدقت عليه القيادة الرشيدة كل مظاهر الرعاية والاهتمام والتشجيع والتحفيز، وجعلته أغلي ثروات الوطن وراهنت عليه بأنه سيواصل المسيرة وسيثري غدنا بفكر مبدع ومتجدد.
نحمد الله الذي جعلنا ونحن في مثل هذه الظروف العصيبة والحساسة التي تموج من حولنا والتي لم ترسُ حتى الآن على بر أو بحر، نعيش افراح هذا اليوم المجيد ونشاهد هذه التلقائية من المواطنين في التعبير عن مظاهر الحب والولاء للوطن والقيادة التي لا تحدها حدود ولا تردها صدود، ونلمس روح الوحدة والالتفاف والاصطفاف تسري في نفوس الجميع، وقد شكلت مجتمعة جسداً واحداً ومانعاً صلباً ضد كيد الحاقدين ومكر العابثين والمتربصين ومزوري الحقائق ممن يغضبهم ما أنعم الله به علينا من نعم كثيرة وخيرات وفيرة وما صلنا اليه من تقدم وازدهار.
نحمد الله أننا نرى اليوم وقد اجتمعت القلوب وهي تلهج بالدعاء لصاحب القلب الكبير والنهج المستنير ومن ترعرع في مدرسة الملك عبدالعزيز واخوانه الملوك، صاحب العزم والحزم ونصير الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وعضيده فخر الوطن وروح الشباب ولي العهد الأمين محمد بن سلمان، ونرى الاكف وقد ارتفعت تسأل الله - جل في علاه - أن يمتعهما بالصحة والسلامة والعمر المديد والتمكين والتأييد، وأن ينصرهم على كل مرجف وباغٍ ومعتد اثيم، وكل هماز مشاء بنميم، ويدعون ويأملون دوماً وأبداً بأن تتوالى أيام الحب والوفاء وتستمر مسيرة البناء والإنجازات لوطن فريد واستثنائي عن بقية الأوطان.