أ.د.عثمان بن صالح العامر
تخيلت هذا المساء جلالة الملك المؤسس للدولة السعودية الثالثة -رحمه الله- يقوم من قبره في مقبرة العود -التي على الأرجح سميت بذلك نسبة له رحمه الله.
وقف ينظر أول ما نظر إلى المشهد المهيب من حوله، سأل عن القبور التي تملأ المكان، فكان الجواب من التاريخ أنها قبور من ماتوا بعدك من أسرتك وشعبك وكان دفنهم في هذا المكان (العود)، ومن بين هؤلاء المدفونين قريب منك الملوك من بعدك أبناؤك (سعود، فيصل، خالد، فهد، عبدالله) رحمهم الله جميعا. لقد حكموا هذا الوطن وكانوا أمناء أوفياء مع الوطن والمواطن.
- ومن الذي يحكم اليوم؟
- نحن اليوم في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده ابنه (حفيدك وشبيهك) محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
كان المؤرخ الذي يتحدث إليه يعرف جيداً إنجازات الوطن طوال هذه السنوات الخضر الحافلة بالعطاء والنماء، وكان -رحمه الله- يوقف التاريخ عند كل منجز يُذكر له، يسأل عن تفاصيله وشموله لكل أجزاء الوطن، وعن آثاره وثمراته، وعن... وعن... فيحمد الله عز وجل ويشكره على هذه النعم التي يرفل بها الوطن، وينعم فيها مواطن وقاطن وزائر داره وأرضه ووطنه المملكة العربية السعودية.
وبعد أن سأل عن إنسان الوطن، ومقدساته، ومشاريعه، ومنجزاته، توقف الحديث بين المؤسس والتاريخ عند هذا العهد الميمون، تساءل -رحمه الله- عن أبرز ملامح هذا العصر وأهم منجزاته؟.
كان المؤرخ الذي انبرى للإجابة عن كل الأسئلة السابقة يدرك جيداً مغزى السؤال الذي طرحه (العود)، ولذا أجمل الرد في قوله: (نحن اليوم وإن كنّا نفتخر بأننا امتداد حقيقي للدولة السعودية التي أنبتت وتوحدت وتأسست على يديك، وبفضل الله ثم فضل طاعتك لله وجهادك، نباهتك ودهائك، حكمتك وحنكتك، بذلك وعطائك، إلا أننا في حقيقية الأمر نشهد تدشين مرحلة جديدة لها رؤيتها التواقة ملامسة عنان السماء، لديها تطلعاتها العالمية، وطموحاتها العالية التي يقودها بكل حكمة وحنكة واقتدار مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مهندس رؤية المملكة 2030).
إننا أيها المؤسس الباني ونحن نحتفل اليوم بمرور أربعة وتسعين عاماً على هذا الاسم الذي أنت من اختاره ومن ثم انحفر في قلوب الشعب السعودي الذي يقف اليوم خلف قيادته صفاً واحداً متراص اللبنات، نتذكر في هذا التاريخ من كل عام سيرتك ومسيرتك العطرة الخالدة لنستلهم منها الدروس والعبر، ولنجعل من إعادة عجلة التاريخ للوراء وقوداً لنا في خوض غمار مرحلة جديدة من البناء الوطني الشامخ في زمن يختلف في طبيعته ومعطياته، وسائله وتقنياته، صداماته وصراعاته، عن العصر الذي كنت فيه.
نعم.. ونحن نتذكر الماضي بكل تداعياته وأحداثه، بطولاته وأمجاده، نتطلع للقمة في كل مجالات التنمية، ومنعطفات الحياة وسبلها المختلفة.
إنني في الوقت الذي أتشرف برفع أسمى آيات التبريكات القلبية والتهاني الوجدانية لمولاي خادم الحرمين الشريفين، ولسمو سيدي ولي العهد ولكل مواطن سعودي مخلص بمناسبة يومنا الوطني 94 أرفع أكف الضراعة للرب الكريم بأن يديم أمننا، ويحفظ عقيدتنا، ويحمي بلادنا، ويبقي عزنا، ويوفق قادتنا، وينصر جنودنا، ويحرس حدودنا، وأن نظل كما نحن شعباً متكاتفاً متعاوناً يقف صفاً واحداً خلف قيادته، يبذل الغالي والرخيص من أجل حماية وطنه وسلامته والدفاع عنه، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.