إبراهيم بن سعد الماجد
ترتبط ذاكرتنا ارتباطا وثيقا بمنتج معين ودولة معينة، لريادة هذه الدولة دون غيرها بهذا المنتج.
الشوكلاتة البلجيكية.. العطر الفرنسي.. الحذاء الإيطالي.. الساعة السويسرية، مجرد أمثلة لذاكرتنا التي تختزن العشرات من المنتجات المرتبطة بدول معينة، وما ذلك إلا لريادتها في هذه الصناعة وتميزها، دون احتكارها.
ونحن في المملكة العربية السعودية نملك ما يمكن أن يجعل لنا الريادة، ويمنحنا التفضيل من بين دول العالم بأجمعه، بما نملكه من تميز ووفرة في منتجين هما في غاية الأهمية، الأول: النخلة.. حيث إن المملكة وبحسب المركز الوطني للنخيل والتمور تزرع ما يزيد على 36 مليون نخلة موزعة على مناطق المملكة المختلفة، وبصادرات تقترب من مليار ونصف المليار ريال سنويا.
ويتميز التمر السعودي من بين التمور الأخرى بتعدد أنواعه التي تزيد على 450 نوعا ذات جودة عالية.
والثاني: الإبل.. هذا الحيوان الذي عظم في القرآن الكريم قال تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} وما ذلك إلا لتميزه بين كافة الحيوانات، بما يملكه من فوائد جمة، وما يتميز به من صفات لا تتوافر في غيره.
وبحسب (العربية - نت) أبرزت هيئة الأزياء السعودية البعد الثقافي والموروث الوطني المتصل بمنتجات الإبل ومدى الاستفادة منها في عالم الأزياء المعاصرة، وذلك ضمن مبادرة «مستقبل الأزياء» بالتزامن مع عام الإبل 2024م.
وأبرزت الهيئة في ورقة بحثية بعنوان «الإبل.. الأزياء المعاصرة»، دور منتجات الإبل في صناعة الأزياء، وفرص استخدام جلود الإبل ووبرها في صناعة الأزياء، كما تتطرق إلى استراتيجيات النمو بمنتجات الإبل في قطاع الأزياء، ومستقبل القطاع عالميا.
وبحسب الورقة البحثية، فقد بلغ عدد الإبل في العالم 42 مليون، %94 منها أبل عربية، وتمتلك المملكة -بحسب البحث- خامس أكبر عدد من الإبل على مستوى العالم، ويقدر بنحو مليونين.
وكشفت الورقة البحثية أن قيمة السوق العالمية للسلع الجلدية الفاخرة بلغت 75.8 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ويمكن أن تصل إلى 92.4 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، مشيرة إلى أنه نظرا للعدد الكبير من الإبل في المملكة، فإن تطوير استخدام منتجات الإبل في سلاسل القيمة الخاصة بالأزياء وغيرها سيعزز الطلب على هذا المورد المتنامي.
وبحكم اهتمامي أخيرا بالإبل ومتابعتي مستجداتها، فإنني أرى أن ما يمكن أن يسمى بالصناعات التحويلية لمنتجات الإبل لم تصل إلى الرقم المرضي، الذي يجعل من بلادنا رائدة في هذا المجال.
الإبل.. لحم ووبر وجلود وحليب (بكافة مشتقاته) كذلك دواء بأبوالها، وغير ذلك من أمعاء وعظام قد تكون مهمة صحيا وعلاجيا لو أعطيت المساحة الكافية من البحوث.
ولا يخفى على المهتم ما في حليب الإبل وبولها من فوائد غذائية وصحية، تلك الفوائد التي أثبتتها البحوث المحلية والعربية والعالمية، وحققت نتائج كبيرة ومعترف بها. ففي ندوة عقدت في مقر ثلوثية أحمد التويجري ببريدة، وأحياها نخبة من المهتمين من داخل السعودية ومن خارجها أثبتوا بالتجربة ما لحليب الإبل من أثر فعال على مرضى التوحد! فضلا عن أبوالها التي عالجت الكثير من مرضى الوباء الكبدي وكذلك السرطان.
أعود لموضوع هذه المقالة وهو وجوب أن يكون لنا الريادة والتميز في كل ما هو مرتبط بالنخلة والإبل، مؤكدا بأن ما هو حاصل الآن أقل بكثير عما هو مأمول، ورؤية بلادنا لا تقبل بأنصاف الحلول.
الإبل إذن ليست مزاين وسباقات هجن فحسب، بل هي أكبر من ذلك بكثير.