سهم بن ضاوي الدعجاني
تأتي «مؤسسة الملك سلمان غير الربحية» لمواصلة مسيرة خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- الزاخرة في مجال العمل الخيري والإنساني والاجتماعي على مدار السنوات الماضية، لذا تستمد هذه المؤسسة العظيمة قيمها وأهدافها ورسالتها من صفات خادم الحرمين الشريفين ومبادئه الجليلة التي تتجلى في شخصيته المحبة لعمل الخير والعاشقة للتأريخ والثقافة والفكر والتي ستنعكس بحول الله على نهج وطبيعة عمل هذه المؤسسة التي ستكون - بحول الله - «سنام» القطاع غير الربحي في المملكة، خاصة وأن خادم الحرمين الشريفين يرى أن الاستثمار في الإنسان وتنمية ثقافته واعتزازه بهويته، هو نهجه الدائم في مواجهة التحديات البشرية واستدامة ازدهار المجتمعات البشرية في شتى أنحاء المعمورة، لإحداث أثر دائم للفرد والمجتمع، وهنا تذكرت، عندما قدمت الجامعة الملية الإسلامية في الهند قبل 15 سنة، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، شهادة الدكتوراة الفخرية خلال زيارته - أيده الله - للهند إبان توليه إمارة منطقة الرياض، كان ذاك الحدث المهيب في «قاعة أنصاري» الجامعية الكبرى، اعترافاً من تلك الجامعة العريقة بإسهامات خادم الحرمين الشريفين الخيرية ودوره كقائد سياسي ذي سمعة عالمية، وقبل تقديم الشهادة تلا مسجل الجامعة السيد محمد ساجد قرار مجلس الجامعة الذي ورد فيه: «إن الأمير سلمان -آنذاك- شخصية مرموقة جداً وله اهتمامات خيرية عظيمة، وقد فاقت شخصيته حدود المنطقة العربية فهو أحد الزعماء الذين يتمتعون بالتأييد الكبير في كل من بلده وخارج بلده» وأضاف قرار مجلس الجامعة: «الأمير سلمان حائز على ميدالية الأمم المتحدة لجهوده للقضاء على الفقر وهو يولي أهمية ورعاية كبيرتين للأنشطة الإنسانية، كما يرأس أكثر من (50) منظمة ولجنة خيرية لتقديم العون لضحايا الكوارث مثل الزلازل والفيضانات والكوارث الطبيعية.
ومن خلال رصد شخصي لأصداء إصدار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان قبل أيام أمرًا ملكيًا باعتماد النظام الأساس لمؤسسة الملك سلمان غير الربحية، وجدت أن وسائل الإعلام الرسمي والخاص وقنوات التواصل الاجتماعي تتسابق في إعادة رسم ملامح منهج خادم الحرمين الشريفين في العمل الإنساني والخيري باستعراض مواقف وشواهد تأريخية تسلط الضوء على زوايا «العمل الإنساني» في شخصية خادم الحرمين الشريفين - أيده الله -، فالصحف والمنصات الرقمية تسابقت في رصد ونشر جوانب من سيرته ومسيرته مع العمل الإنساني الذي عرف به إبان توليه إمارة منطقة الرياض ودوره المحوري في تأسيس ورعاية الكثير والكثير من الجمعيات الأهلية والخيرية ومؤسسات المجتمع المدني من خلال الدعوة إلى تأسيسها أو رعايتها أو تولي مجلس إدارتها أو منحها شرف رئاسته الفخرية، كما فعل أثناء زيارته - أيده الله - لمواساة أسرة الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - قبل 20 سنة، عندما دار حوار بين بعض الأوفياء من الحاضرين بمنزل الشيخ حمد الجاسر (دارة العرب) بحي الورود بمدينة الرياض، حول إيجاد مشروع لتخليد ذكرى الشيخ حمد الجاسر، فأيد خادم الحرمين الشريفين كعادته المبدأ على أن يتم اجتماع لعدد من المهتمين بهذا المشروع ويرفعون لمقامه ما يتم التوصل إليه من أساليب عملية لتنفيذ هذه الفكرة، وبعد مباركة خادم الحرمين الشريفين لفكرة مؤسسة حمد الجاسر الثقافية، تم الإعداد لحفل إعلان المؤسسة برعايته وحضور عدد كبير من رجال الأعمال والمثقفين والمثقفات الذي أقيم في فندق الإنتركونتيننتال بالرياض، حيث جمعت التبرعات في ذلك الحفل وانطلق المؤسسة برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان والذي يتولى الرئاسة الفخرية لمؤسسة حمد الجاسر الثقافية منذ تأسيسها.
وهذا الطقس من العطاء والاهتمام بالعمل الإنساني من لدن خادم الحرمين الشريفين ذكرني بما قاله - أيده الله - ذات يوم: «نحن في مجتمع عرف والحمد لله بالتراحم والتواد والتواصل والمساعدة، عندما نتكافل ونتعاون ونتراحم، ويجب أن يعرف الإنسان أن الإنسان ضعيف، والإنسان بشر» ويقول في موضع آخر: «ننسى مرات ما لدينا، لو نظرنا أيضًا إلى أي صحيفة من صحفنا ستجدون من النشاطات ومن الأعمال الخيرية من دولتكم ومن شعبكم الشيء الكثير، هل نكتفي بذلك؟ هل نركن ونقول عملنا كل شيء ووصلنا إلى القمة؟، يعجبني ولله الحمد في هذه الدولة وفي هذا الشعب طموحه المستمر بحيث ما يرضينا ما وصلنا إليه بل نطمح إلى أكثر، وهذه نعمة من الله عز وجل لأن إذا وصل الإنسان إلى أن اعتقد عمل كلما يريد عمله هناك يأتي الركود وتأتي الانتكاسة، نحن الحمدالله في دولة تعمل وفي شعب يعمل وهناك تعاون الحمد لله بين الدولة ومواطنيها» «مؤسسة الملك سلمان غير الربحية، تعكس مسيرة الملك، وتحافظ على الأعمال والإنجازات التي حقّقها في القطاع غير الربحي، وتؤكد تعزيز الاستدامة في مجال التوسّع الحضري، كما تُظهر شغفه - أيده الله- بالمعرفة والتاريخ والثقافة، وتنضوي تحتها مجموعة من المراكز الثقافية التي تعكس اهتمامات خادم الحرمين الشريفين، وتستلهم من تجربته، التي استمرت عقوداً، إثراءَ قطاعات الثقافة والمعرفة والتاريخ وتنميتها؛ وتندرج ضمن أذرعها، مكتبة، ومتحف، وكلاهما في مشروع بوابة الدرعية، إضافة إلى متحف المجتمع السعودي في «حديقة الملك سلمان»؛ أحد مشاريع الرياض الكبرى، التي يجري تطويرها الآن بوصفها منطقة حضرية في العاصمة الرياض.
وأخيراً
لا أحد ينكر أن علاقة سموه بالمثقفين وأهل الفكر وحملة القلم في بلادنا وخارجها تجاوز الصورة النمطية بين الملك والمثقف لترسم فضاءات جميلة، فكم مرة زار مريضهم وواسى مصابهم وشيّع فقيدهم، إن الصحافة والثقافة ثنائية متلازمة في مدرسة سلمان بن عبدالعزيز الإدارية، فالصحافة مرآته والثقافة مشورته ومنبع آرائه وأفكاره التطويرية لعمل الخير من خلال مؤسسة الملك سلمان غير الربحية والتي ستعيد تشكيل خارطة العمل الإنساني في الداخل والخارج في مملكة الإنسانية.