خالد بن عبدالرحمن الذييب
تبحث الفلسفة في أسئلة متنوعة تسبب بعضها في تقدم البشرية والبعض الآخر لا يزال مكانك راوح. فعلى الرغم من أن للفلسفة شموخا إلا أن هذا لا يمنع أن لها ولفلاسفتها تهافتا وإشكاليات.
أول هذه الإشكاليات أن الفلاسفة غالباً يقيسون الأمور بميزان العقل البشري.
فالعقل مهما كبر يبقى قاصراً عن فهم بعض الأمور وخاصة ما وراء الطبيعة والتي تتطلب إيماناً خالصاً منبثقا من العقل.
فمثلاً عند الحديث عن العلة الأولى، وسبب الخلق والتفكير بمبدأ أن لكل معلول علة، فأسئلتهم لا تقف عند حدود معينة.
ولقد فهم جالينوس خطأ ذلك عندما كتب في آخر عمره في قضية «هل العالم قديم أم حديث؟» انه «لا يمكن أن يعرف، وأن ذلك ليس لقصور فيه بل لاستعصاء هذه المساءلة نفسها على العقول.
إشكالية أخرى من إشكاليات الفلاسفة، أنهم يرون ويحللون العالم من خلال ذواتهم وتجاربهم الشخصية.
بعضهم يعتقد أن أقصى شيء يفكر فيه أو يتخيله الإنسان هو ما يتخيله هو ـ أي الفيلسوف ـ بمعنى أنه يريد أن يفرض على البشرية رؤية قاصرة تخصه، فلأنه لا يتصور ما لا يرى إذن ما لا يرى غير موجود! وهذه تقود إلى قضية خطيرة، فالله لا يمكن إدراكه بالحواس الخمس، ومع ذلك العقل كفيل بالوصول إليه من خلال إدراك دلائله في خلقه سبحانه وتعالى.
ومن إشكالياتهم البحث عن العبارة الجميلة أكثر من البحث عن الكلام العلمي، بخلاف العلماء الذين يستقون علومهم وأفكارهم من خلال البحث والتجربة.
ومع ذلك لا يمكن إغفال أهمية الفلسفة، فهي والعلم طريق باتجاه واحد وليس اتجاهين متعارضين، فبداية العلم فلسفة، أي أن الإنسان بإمكانه عن طريق الفلسفة أن يصل إلى نظريات علمية في فهم الكون، والنفس، والإنسان.
الفلسفة هي كثرة أسئلة عن أمر ما إلى أن نصل إلى حقيقة معينة، أو ما نعتقد أنه حقيقة، وبعد أن تصل بنا الفلسفة إلى حقيقة علمية، فإن الحقيقة لا يمكن أن تعود فلسفة، فبالإمكان «علمنة الفلسفة، ولكن لا يكمن التفلسف في العلم»، وأقصد بذلك أن تكون علمية وليس علمانية، فعلمنة الفلسفة طريق إلى التقدم، والتفلسف في العلم نقطة إلى الرجوع، فعلمنة الفلسفة هي «حب الحكمة» أما التفلسف في العلم فهو «حب الكلام».
أخيراً...
الفلسفة بحر عميق...
من يسبح على سطحه نجا... دون أن يعرف ما في هذا البحر من جواهر وكنوز...
ومن غاص في أعماقه...
فإما أن يعود بالدر...
أوقد لا يعود أبداً...
ما بعد أخيراً...
بعض الفلاسفة عبارة عن مجانين كتبوا جنونهم على ورق فاستقبل جنونهم مجانين مثلهم فأصبح جنون الجميع... فلسفة!