عبد الله سليمان الطليان
منذ نشأ الإنسان على هذه الأرض وهو في شغف وشراهة قوية للحصول على المال، في صراع ومنافسة مع بقية البشر في هذه الحياة، للحصول عليه لأنه عصب الحياة وزينة وبهجة للنفس.
في حياة المسلم نجد قول الله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وقوله تعالى: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} (77) سورة القصص، ولكن بعدما يحصل على المال ويبلغ مرحلة الغنى والثراء يتسرب إليه احيانا بعض من التكبر والغرور والتعالي على الناس فينطبق عليه قول الله تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى}. ولا يتوقف الأمر عند هذا بل السخرية والازدراء منهم أقل منه في مستوى غناه أحياناً، ويشمل كذلك الذي يتزود بثقافة مختلفة، ويقول بسخرية (خل مثاليتك وثقافتك تنفعك) وهذا ما نسمعه في اللقاءات والمناسبات الاجتماعية أحياناً.
ويقول ألم تسمع قول الشاعر:
فصاحة حسّان وخط ابن مقلةٍ
وحكمة لقمان وزهد ابن أدهم
إذا اجتمعت في المرء والمرء مفلس
ونودي عليه لا يباع بدرهم
وقول الشاعر:
لولا دراهمه التي يزهو بها
لوجدته في الناس أسوأ حالاً
إن الدراهم في المواطن كلّها
تكسو الرجال مهابة وجمالاً
فهي اللسان لمن أراد فصاحةً
وهي السلاح لمن أراد قتالاً
وأتوقف عند عبارة أسوأ حال التي قد تمر على هذا الذي يتفاخر بماله ويسخر من غيره، حال ابتلاه الله بالمرض أو وصل إلى الشيخوخة وتقدمه في العمر وكيف سيكون قيمة المال الذي يمتلكه ونظرته إلى الحياة، تجده يتقرب من الله ويتضرع إليه الذي وهبه المال ويخرج من غفلته ويسدى النصائح والحكم، يذكر بقول الله تعالى: {اعْلَمُوا انَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا، وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}. ويمعن في النصح ويردد قول الشاعر:
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ
وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخراً
وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
فهل المال هو الذي يجلب السعادة؟
في تفسير البغوي:
يقول الله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
{فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ}، والإعجاب هو السرور بما يتعجب منه، يقول: لا تستحسن ما أنعمنا عليهم من الأموال والأولاد لأن العبد إذا كان من الله في استدراج كثر الله ماله وولده، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (55) سورة التوبة، فإن قيل: أي تعذيب في المال والولد وهم يتنعمون بها في الحياة الدنيا؟
وقيل: التعذيب بالمصائب الواقعة في المال والولد.
أخيراً قال سعيد بن المسيب: «لا خير فيمن لا يكسب المال ليكف به وجهه، ويؤدي به أمانته، ويصل به رحمه).