د. محمد بن إبراهيم الملحم
في كل سنة نحتفل بعيدنا الوطني لبلدنا العظيم فإننا نعيد تعلم الوطن، نعيده لأننا نحب هذا الوطن ونشعر بالرغبة المستمرة في الاستزادة منه، لا نتعلم ماضيه فقط ولكن نتعلم حاضره أيضاً وكذلك مستقبله، نبني آمالنا على مستقبل هذا الوطن ونتفاعل إيجابياً مع حاضره الذي يقدمه لنا، بل إننا نحن أنفسنا نمثل حاضره، والتعليم عندما يحتفل باليوم الوطني طلاباً ومعلمين ومسؤولين يؤكد على حالة التعلم هذه، ويضعها على سبورة الفصل الدراسي كأولوية الأولويات في هذا اليوم العظيم، فالطالب يحتاج أن يفهم أكثر عن وطنه والمعلم عليه واجب استحضار كل المعلومات المهمة عن الوطن والتي تغذي شغف الطلاب وتزرع في قلوبهم حبه والشوق إليه والدفاع عنه، فمعلم التربية الإسلامية يشرح أهمية حب الوطن كواجب ديني، ويوضح القيمة الدينية لوطننا العظيم، ومعلم اللغة العربية يتناول جمال لغة وطننا وتنوع لهجاته وانتمائها بقوة إلى الفصحى حيث تذخر كثير من مفرداتنا السعودية بكل لهجاتها المتنوعة شمالاً وشرقاً وجنوباً وغرباً وفي الوسط بكلمات كثيرة جداً أصلها في معاجم الفصحى شكلاً ومعنى، ومعلم العلوم يجمع كل ما يمكنه من المعلومات عن الإنجازات العلمية في بلده ليقدمها للطلاب ليستوعبوا إلى أي مدى حقق بلدنا تقدماً في مجال الطب والهندسة والعلوم، فيعرف الطلاب بالمؤسسات الراقية التي تعمل في هذا المجال مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والظهران فالي ومركز كابسار لأبحاث الطاقة ومركز الملك فيصل التخصصي للأبحاث الطبية ومركز البحث والتطوير في شركة أرامكو وكثير غيرها من المؤسسات التي حققت إنجازات علمية وسجلت براءات اختراع وأسهمت في التقدم، إضافة إلى تعريفهم بأسماء الباحثين والباحثات الذين حققوا إنجازات علمية عالمية في الطب والهندسة والعلوم وسجلت براءات اختراعهم وكتبت عنها المجلات العلمية المتخصصة والصحف العالمية، وهكذا يجتهد كل معلم في إبراز معالم التفوق والتقدم في بلدنا الغالي من خلال موضوع مادته وتخصصه، فليس اليوم الوطني هو حكاية تاريخ الوطن فقط، بل هو مساحة كبيرة وواسعة للتعلم عن هذا الوطن وفهم المدى الكبير الذي حققه ويحققه في مجالات كثيرة وعظيمة يحق لكل سعودي أن يفخر بها.
إن من شأن هذه الأنشطة التعليمية للوطن أن تخلق في نفوس الطلاب نوعاً من الطموح الوثاب لبلوغ مثل هذه الإنجازات أو المشاركة فيها على أقل تقدير في مستقبلهم المهني، وهو ما يحفزهم للتعامل بجدية أكثر مع ما تقدمه لهم المدرسة ويحضهم لتعلم أفضل، وإن تقديم الأمثلة الحية على ما تحققه الدولة في كل المجالات من شأنه أن يغيّر تصور كثير من الطلاب السطحي عن بلدهم. وبهذا فإن اليوم الوطني ينبغي أن يتجاوز مرحلة الاحتفالية العادية إلى مرحلة بناء الثقة في الوطن وتقوية العلاقة الوجدانية به، وهو ما تقوم به قصص النجاح للمؤسسات والأشخاص بامتياز. أتمنى أن تعد وزارة التعليم مستقبلاً ملفاً سنوياً بإنجازات المملكة لتلك السنة لتعممها على المعلمين فيقدموها في يوم الوطن لأبنائهم، ويمكن أن يكون ذلك في أكثر من نوع من أنواع المحتوى نصياً وصوتياً ومن خلال الفيديو، كل عام وطني بخير وحماه الله من كل شر وبلاء ووفق أولياء أمورنا لكل خير.