خالد بن حمد المالك
لا ينبغي إخفاء انتصارات العدو الإسرائيلي على حماس وحزب الله، ومثل ذلك تحييد إسرائيل لإيران والعراق، حتى وإن فسِّر ذلك على أنه تشف، أو إظهار للفرح على انتصار عدو إرهابي بامتياز.
* *
ما يحدث أمامنا الآن مشاهد لهزائم مركبة، وفضائح تُظهر عدم استعداد عناصر حماس وحزب الله لمقاومة هذا العدو المجرم، بل إنهم منذ السابع من أكتوبر وإلى اليوم سلَّموا رقابهم، وسهَّلوا له ما ينتصر به عليهم.
* *
هذا ما يجب أن يُقال، وبصوت عال ومسموع، حتى وإن لم يفد الكلام، حتى وإن جاء متأخراً، وفاقداً لقيمته، بعد كل الذي سوّته إسرائيل في كامل قطاع غزة، وفي كل لبنان، أن المحصلة من حروب دامت قرابة عام يمكن إيجازها وتحديد أبعادها وخطورتها في أكثر من بُعد.
* *
أولاً: أن إيران هي من دفع حماس وحزب الله والحوثي وميليشيات في العراق وسوريا إلى المبادرة ببدء الحرب، دون مساندة منها، بل إنها تخلت عنهم، وأعلنت أن لا دور لها فيما حدث، حتى وإسماعيل هنية يُقتل في إيران، كانت هددت بالانتقام ولم تفعل.
* *
ثانياً: أن قطاع غزة كان تحت سلطة وهيمنة حماس، ولا نيَّة لدى إسرائيل في إقصاء الحزب منه، لأنها كانت ترى أن لها مصلحة في انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية المعترف بها، وترى أن هذا الانقسام لصالحها.
* *
ثالثاً: أن قطاع غزة كان يمكن أن يشكِّل تهديداً مستقبلياً لإسرائيل إذا ما تمكَّنت الفصائل الفلسطينية من بناء قوة عسكرية قادرة على مواجهة إسرائيل، غير أن حماس تسرَّعت وقامت بعملية 7 أكتوبر قبل أن تستكمل استعداداتها، فكانت النتيجة خسارة حماس للقطاع، وإعطاء إسرائيل فرصة لوضع ترتيبات في القطاع يحميها من أي مقاومة مستقبلية من حماس أو غيرها.
* *
رابعاً: إن أقصى ما تُطالب به حماس الآن هو وقف إطلاق النار في القطاع، وتبادل الأسرى، بعد تهديم 80 % من غزة، وقتل وجرح وأسر أكثر من 150 ألف فلسطيني من مدنيين وغيرهم، ومع ذلك فإسرائيل ترفض أي وقف للحرب إلا بإملاء شروطها.
* *
خامساً: إن حزب الله كان يُهدِّد ويتوعَّد بإزالة إسرائيل من الوجود، ويذكر أمينه العام في خطاباته أن لديه 100 ألف مقاتل، يستطيع أن يزلزل إسرائيل بهم، ويستطيع تجنيد مثلهم إذا اقتضى الأمر، فإذا به يُلاحق ويُختفي، ويُقتل قادته واحداً بعد الآخر، في أماكنهم ومخابئهم.
* *
سادساً: كان الحزب يعوِّل على إيران بأن تكون طرفاً في أي حرب له مع إسرائيل، لكن الجانب الإيراني خذل وأصاب مسؤولي الحزب بالإحباط، حين أعلن بأن الوقت غير مناسب للمشاركة في هذه الحرب.
* *
سابعاً: التكتيك الذي استخدمته إسرائيل في تحقيق انتصاراتها، أنها بدأت بحماس، ولم تفتح معارك جانبية خلاف قطاع غزة، إلا بمناوشات لا تؤثِّر على القوة الإسرائيلية، وحين أصبحت غزة تحت السيطرة تقريباً تفرَّغت لحزب الله، ولم تشغل قواتها بحروب واسعة في سوريا والعراق واليمن وحتى إيران.
* *
ثامناً: لو كان هناك تنسيق مسبق بين كل الجبهات في وقت زمني واحد، لأتعب هذا التعاون القوات الإسرائيلية، وأخَّر الانتصارات الإسرائيلية كثيراً، وحدَّ منها، وكانت هناك نتائج غير التي نراها الآن.
* *
وكان علينا أن نتعلَّم من حروبنا السابقة مع إسرائيل، أننا مع عدو مشترك، فيكون التنسيق المسبق، غير أن قرار الحرب صدر من حماس وحزب الله، وربما بأمر أو تشجيع من إيران، دون مشورة من دول شقيقة، ما جعل حماس وحزب الله في حالة فوضى وارتباك، وخسائر باهظة.