سلطان مصلح مسلط الحارثي
أثار بعض الاتحاديين الزوبعة قبل مباراتهم مع فريق الهلال يوم السبت الماضي، ووصلوا حد التشنج، وحاولوا التأثير في المنافس، من خلال ترديد أهزوجة معيبة بحقهم وبحق كرة القدم السعودية، معتقدين أن لهذا الأمر تأثيرا في منافسهم، ولكنهم كانوا مخطئين في معتقداتهم الكروية، فكرة القدم لا تُلعب إلا داخل المستطيل الأخضر، ومن يخرج خارج الملعب لن يفلح، وهذا ما أكده الهلال الذي أعلن تفوقه، وفرض سيطرته وهيمنته على مباريات الاتحاد، حيث لم يستطع الأخير الفوز منذ عام 2021، حتى وصل الأمر، لفوز الهلال في سبعة لقاءات جمعت الفريقين خلال الموسم الماضي، واستطاع الأزرق أن يُخرج الأصفر من جميع البطولات «العربية – الآسيوية – الدوري - كأس الملك - كأس السوبر»، وها هو اليوم يُكمل المهمة في المباراة الثامنة، والتي سبقها ضجيج مفتعل، حيث اتضح للوسط الرياضي أن جمهور الاتحاد كان في أغلبيته «متشنج» بعد أن حاول في مواقع التواصل الاجتماعي، أن يُعلن التحدي، ويُظهر قوة فريقه، ويُسقط على منافسه، لدرجة «تشويهه»، ولكن النتيجة كانت كـ»العادة»، فوز هلالي للمرة «الثامنة» على التوالي، أسكت من خلاله «ضجيج» أزعج الوسط الرياضي.
حس يا سالم
ما زلت أتذكر ذلك المشجع الهلالي الذي مل من التقلبات المزاجية لنجم فريق الهلال سالم الدوسري، والحالة الفنية التي كان عليها، ليصرخ من المدرج قائلاً (حس يا سالم)، وتنتقل هذه الكلمة لمدرج الهلال، الذي رددها في إحدى المباريات التي لم يقدم فيها سالم المستوى المطلوب، ليثور الجمهور الهلالي، ويردد بصوت واحد «حس يا سالم». حصل هذا في عام 2016، فماذا حدث بعد ذلك؟ وهل «حس سالم» أو استمر على ما هو عليه؟
في بداية موسم 2018، احترف سالم الدوسري لمدة ستة أشهر في الدوري الإسباني، وأعلن استقراره بـ»الزواج»، كانت فترته الاحترافية قصيرة، ولكن فوائدها على سالم الدوسري عظيمة، فقد عاد سالم للهلال وهو مختلف.. ناضج.. مدرك.. لديه إحساس عالٍ بالمسؤولية.
عاد سالم للهلال برتم عالٍ، وأداء مختلف، وروح تتقد بالحماس، ليشعل قناديل الفرح بين أنصار ناديه، ويحقق طموحاتهم وآمالهم، ليكون اليوم واحداً من أساطير كرة القدم السعودية، بل كثير من النقاد والمحللين يصفونه بالأسطورة الأول على مستوى كرة القدم السعودية منذ بدايتها، ولديهم في ذلك حجج مقنعة، فالمستوى الذي وصل له سالم، لا أعتقد بأنه وصل له أي لاعب آخر، يكفي أنه اليوم حجز مكانه بين «نجوم العالم» الذين يلعبون في دوري روشن السعودي، واستطاع أن يكون اللاعب الأول في كرة القدم السعودية في الوقت الحالي، كما استطاع أن يكون من ضمن اللاعبين المؤثرين على مستوى فريقه الذي يعج بالكثير من النجوم العالمية، ووصل لنجومية القارة الآسيوية، وحقق لقب أفضل لاعب آسيوي في الموسم الماضي.
سالم الدوسري، نموذج حي للاعب المثابر، الذي يملك طموحا مختلفا، يسعى دائماً لتحقيقه، ولا يكتفي بما يحقق، فالطموح مرتفع، ويتزايد في كل موسم، والرغبة في تقديم المزيد من الإبداع الكروي ما زالت قائمة، وكلما حقق هدفا من أهدافه، ذهب لرسم هدف آخر، وقاتل على تحقيقه حتى يتحقق.
سالم، لاعب موهوب بالفطرة، ولكن كانت تنقصه الخبرة والحماس، والأداء الفني الذي يتوافق مع موهبته، فجاءته الفرصة للاحتراف الخارجي، الذي كان له بالغ الأثر في أدائه الفني «الفردي - الجماعي»، كما أن استقراره الاجتماعي كان من أهم العوامل التي ساعدته على التفكير في مستقبله الكروي، حتى وصل لتاريخ مجيد، سيبقى على مر العصور، شاهداً على تميز وإبداع وعنفوان لاعب استثمر في موهبته حتى استطاع ترسيخ اسمه في ذاكرة الرياضة السعودية والعربية والآسيوية.
اليوم، سالم الدوسري هو قائد أهم فرقة مرت على تاريخ نادي الهلال، من حيث المستويات الفنية، وتوالي الانتصارات، وتحقيق الإنجازات والبطولات، فهنيئاً للهلاليين بأسطورتهم، وهنيئاً لسالم بعشاق وضعوه في المكان الذي يليق به بعد أن «حس» بهم، وحقق طموحاتهم.
ثنائية نيفيز وسافيتش
أجزم بأنه لا يوجد في الدوري السعودي، وربما القارة الآسيوية، من يستطيع أن يتفوق على ثنائية خط وسط فريق الهلال، البرتغالي روبن نيفيز والصربي سيرجي سافيتش، اللذين شكلان قوة إضافية لفريق الهلال، وأصبحا محط إعجاب الكثيرين من عشاق كرة القدم.
هذه الثنائية «الصربية - البرتغالية»، لديها شغف كبير في كرة القدم، وما زال أمامها الكثير لتحقيقه، خاصة أنهما يملكان طموحا كبيرا، ويسعيان لتحقيقه مع أفضل فريق آسيوي.
نيفيز، هو رمانة خط الوسط الهلالي، وهو المحرك الأساسي لرتم الفريق، يرفعه متى شعر بأن الفريق يحتاج لرفع الرتم، ويخفضه متى استدعت الحاجة، تجده في كل أرجاء الملعب، يدافع بصلابة، ويهاجم بضراوة، ويغطي على زملائه الذين يثقون به حينما يتقدمون للأمام، يقطع الكرة في الدفاع، ويسدد في الهجوم، كراته البينية والطولية دائماً ما تكون متقنة.
نيفيز ظاهرة كروية لا تتكرر إلا نادراً، وأحد أساطير كرة القدم على مستوى العالم في مركز المحور.
وفي المقابل، يعد الصربي سافيتش، قائد فرقة الموسيقى الهلالية، فهذا اللاعب كما ذكرت سابقاً يشعرك بسهولة كرة القدم، وأن أي شخص قادر على اللعب والإبداع، ولكن في حقيقة الأمر، كرة القدم مع التكتيكات العالمية صعبة جداً، والإبداع لا ينتج إلا عن موهبة، وسافيتش لاعب موهوب، يجعلك تعشق أداءه حتى وإن لم تنتم لفريقه.
نقطة تأمل
يقول الإعلامي الرياضي المخضرم سعود العتيبي بعد فوز الهلال على الاتحاد: (الهلال ليس كأحدٍ من أنديتكم، فتوقفوا عن الركض في أرض الوهم، الهلال في عالمٍ لا تراه بصائركم ولكنكم لا تعقلون).