عايض بن خالد المطيري
في لحظة عفوية وأنا أتفقد دروسها، طرحت سؤالاً على ابنتي التي لم تتجاوز السنوات الست تدرس في الصف الأول الابتدائي، مستفسرًا عن تجربتها داخل المدرسة واكتشافاً لما يجري هل هناك تصنيفات اجتماعية محتملة بين زميلاتها. سألتها سؤالا مباشر: «هل أنتِ بدوية أم حضرية؟»، فجاء ردها سريعًا وبكل براءة ودون تردد: «أنا سعودية». هذه الإجابة البسيطة والمباشرة أدهشتني وأجبرتني على الصمت قليلاً، لأتأمل عمق الدرس وجمال الرد الذي ألهمني عنوان هذا المقال. وجدت نفسي أصفق لها بحرارة، ما أثار فضول إخوتها الصغار وجعلهم يلتفون حولنا متسائلين عن سبب هذا التصفيق والتشجيع الحار.
أوضحت لهم إجابة شقيقتهم الجميلة، وما تضمنته من بُعد وطني عميق نفتخر به جميعاً، وتستحق عليه مكافأة. «نعم، نحن سعوديون»، قلتها لهم، مؤكداً أن هذا هو الانتماء الذي يجب أن نفتخر به ونعيشه. لا تصنيفات ولا طبقات، لا «بدوي» ولا «حضري»، فنحن جميعاً أبناء وطن واحد. هذا الوطن الذي يوحّدنا تحت رايته وهويته، ويجعلنا شعباً واحداً. إجابة الطفلة الصغيرة ليست مجرد رد بريء نفرد له الضحكة ونمرره مرور الكرام، بل هي رسالة يجب أن نتبناها في مدارسنا وفي كل مجتمعاتنا. فنبذ العنصرية والطبقية والتصنيف الاجتماعي ليس خياراً، بل هو واجب وطني وإنساني يجب أن نغرسه في نفوس أطفالنا منذ الصغر. المدارس تلعب دوراً كبيراً في تشكيل الوعي الاجتماعي والوطني لدى الأجيال الناشئة، ومن الضروري تعزيز روح الوحدة الوطنية والانتماء المشترك. إن هذا الموقف البسيط يحمل بين طياته رسالة مهمة لكل المدارس والبيوت يجب أن نغرس في أطفالنا منذ نعومة أظفارهم أن العنصرية والتصنيفات لا مكان لها في مجتمعنا. علينا أن نربيهم على حب الوطن والانتماء له بعيداً عن أي تصنيفات موروثة. ففي السعودية، نحن نعيش تحت مظلة واحدة، نواجه التحديات معًا، ونبني المستقبل كجسد واحد مترابط.