محمد بن إبراهيم الحسين
خلق الله سبحانه وتعالى الكون بما فيه من مخلوقات بمشيئته وقدرته، وكرَّم البشر من بين مخلوقاته بمنحهم الوعي والعقل، ودعاهم إلى البحث عن عجائب خلق الله والتفكر في بديع صنعه وإدراك دلائل قدرته، قال تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (20) سورة العنكبوت.
منذ خلق الله الإنسان وهو يتفكر ويبحث في جميع المجالات؛ إلا أن حضارة البشر على كوكب الأرض لا تزال تعيش مرحلة الطفولة وتخطو خطواتها الأولى، والعلوم لا زالت في بدايتها ولم تكتشف البشرية منها إلا النزر اليسير، فالإنسان يقف أمام الكون العظيم كطفل يقف أمام محيط كبير لم يكتشف منه إلا صدفه اندفنت بين رمال شطآنه الطويلة أو سمكة صغيرة تسبح في مياهه الضحلة، جاهلاً ما في أعماقه من تكوينات وكائنات؛ ومن الدلائل على ذلك عجز العلم عن تفسير بعض المظاهر الكونية والقوى الطبيعية، حيث يوجد -على سبيل المثال - ثلاث فرضيات لتفسير آلية نشوء الكون وثلاث فرضيات لتصوير شكل الكون وثلاث فرضيات لتعريف قوة الجاذبية وثلاث فرضيات لتحديد مصدر المياه على الأرض، وهي كما يلي:
نشوء الكون:
- الكون له بداية ونهاية حيث نشأ بانفجار كبير حدث في العدم قبل حوالي 14 بليون عام من نقطة تفرد ذات طاقة وحرارة لا متناهية، ونشأ على إثره المكان وبدأ الزمان، وسيتوسع حتى تنطفئ نجومه ويصبح باردا ومظلما، أو سينتهي بانخساف كبير، وقد تتكرر دورات الانفجار والانخساف إلى الأبد.
- الكون أحد أكوان متعددة في الوجود تتكون وتختفي مثل الفقاعات نتيجة غليان كمومي ناتج عن فرق كثافة الطاقة في العدم، أو من ثقوب بيضاء تنبثق لتشكل أكونا جديدة عبر ممر دودي متصل بثقوب سوداء تماص المادة من أكون أخرى.
- الكون ليس له بداية ولا نهاية (سرمدي).
شكل الكون:
- الكون منحني مغلق (كروي).
- الكون منحني مفتوح (سرجي).
- الكون مسطح.
قوة الجاذبية:
- الجاذبية ناتجة عن التجاذب بين جسمين بقوة تتناسب طردياً مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسياً مع مربع المسافة بين مركزيهما.
- الجاذبية ناتجة عن انحناء الزمكان.
- الجاذبية ناتجة عن تسرب قوة من كون موازٍ.
مصدر الماء:
- الماء كان موجود افي الصخور التي تشكلت منها الأرض ثم تسرب من باطنها إلى سطحها.
- الماء تكون في بداية عمر الأرض نتيجة تفاعل الصهارة على سطح الكرة الأرضية مع الهيدروجين في غلافها الجوي.
- الماء وصل إلى الأرض من الفضاء عبر النيازك الجليدية.
تلك المسائل التي عجز العلم عن كشف حقيقتها وتعددت الفرضيات لتفسيرها رغم تأثيرها على الإنسان بصفة مباشرة كالجاذبية والماء، توضح الحدود التي يقف العلم عاجزاً أمامها، ولا يقتصر ذلك على علوم الفيزياء والكيمياء والفلك وإنما يشمل جميع المجالات العلمية ومنها الطب حيث يقف العلم عاجزاً عن علاج أمراض مزمنة كالسرطان أو تطوير أدوية دون أعراض جانبية؛ إلا أن طبيعة البشر المتميزة بالإصرار والتحدي والفضول، وطبيعة العلوم والمعارف التي تستمر في التطور بتراكم التجارب والخبرات، ستؤدي إلى تقدم العلوم بوتيرة مستمرة؛ علماً بأن الحضارة تصنف وفق مقاييس متنوعة منها مقياس كارداشيف لقياس مستوى التقدم التكنولوجي للحضارات الكونية وفق كمية الطاقة المستغلة، وتم وفق ذلك المقياس تصنيف الحضارات الكونية كما يلي:
- حضارة مستوى 1: تستغل جميع الطاقة من كوكبها.
- حضارة مستوى 2: تستغل جميع الطاقة من نجمها.
- حضارة مستوى 3: تستغل جميع الطاقة من مجرتها.
- حضارة مستوى 4: تستغل جميع الطاقة من كونها (أحد الأكوان المتعددة في الوجود).
ووفق ذلك التصنيف تعتبر الحضارة البشرية حالياً في المستوى 0، ويقدر وصولها إلى المستوى 1 خلال 100 عام، وإلى المستوى 2 خلال 10,000 عام، وإلى المستوى 3 خلال 1000,000 عام.