د.محمد بن عبدالرحمن البشر
الأشجار، تنمو أغصانها، وتزيد فروعها، ويطيب منظرها، وتزكو رائحتها، وتنتج ما لذ وطاب من الفواكه، فيأكل منها الطير والإنسان ما استحسنه، وقد يتساقط بعضه، لكن أغلبه يكون متاعاً لمن تاقت نفسه أن تكون الفاكهة جزءا من زاده، رغبة في الصحة أو متعة في الأكل أو لأجلهما معا.
ورمال الصحراء أثمرت رجالاً عبر التاريخ ساهموا في عمارة الأرض، ونشر العدل، والمساهمة في العلم، ومن تصفح كتب التاريخ سيجد الكثير من الأسماء والجماعات، التي بنت صروحا خالدة وآثارا باقية، وربما أن هناك أيضاً من لم ينصفه التاريخ، ولم يكن له نصيب من التخليد مع أنه قد ساهم مساهمة كبيرة في المسار الحضاري، وآخرين لم تتح لهم الفرصة أن يظهر مكنونهم، فماتوا بما حملوا من كنوز إدارية وعلمية، لو قيض الله لها أن تظهر على السطح لامتلأت الصفحات بإنجازاتهم.
الملك عبد العزيز - رحمه الله- كان ممن أنجبتهم واحات الصحراء ووديانها، فكان الثمر يانعاً طيباً، استفاد منه ملايين البشر، وهو رحمه الله ومنذ شبابه وفي ذهنه جمع الشتات، والسير بثبات، وتأليف القلوب، وتأمين الدروب، ولا شك أن الطريق لم يكن ممهداً ففيه الكثير من الأشواك التي قد يضطر المرء إلى السير عليها مع ما يصاحب ذلك من ألم، لكن عزم القائد بلسم تنسى معه الآلام، ولا تقف أمامه عقبة هنا أو هناك، واضعاً أمامه هدفا يريد تحقيقه، وسلما يرتقيه ليحقق مجد أمة كانت تواقة إلى عالم جديد، وأمل بأن تعلو الهمم لتلحق بركب الحضارة بعد غياب طويل عنها، ورسم خطوط واضحة، وسار الركب إلى الشمال والجنوب والشرق والغرب، وتم المراد وتحقق الأمل، وأصبح الحلم حقيقة، فكانت المملكة العربية السعودية التي نعيش فيها الآن بعد أن تعاقب على قيادتها ملوك أفذاذ، كل ساهم بكل ممكن للدفع بهذه البلاد إلى الامام، ابتداء ببناء الإنسان، ثم إقامة الصروح الكبيرة، وكذلك التعامل مع الأحداث الجسام التي لا يخلو هذا العالم من وقوعها بين فترة وأخرى، مع الحرص على الثوابت، وعلى رأسها الأمن والاستقرار، والدفع بالتنمية الاقتصادية.
اليوم نعيش في عهد ميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله- وولي عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، صاحب رؤية 2030، التي أضحت منهج تغيير شامل من الناحية السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، وتغيير شامل في الهيكلة الإدارية بما يضمن اقتصادا مستداما، وسرعة في الأداء، ورفعا للكفاءة، واستقرارا وأمنا، في بحر من دول تتلاطم بها الامواج، فنحن ولله الحمد ننعم مع الرخاء بالأمن، وهو أهم مقومات الحياة، فلا يمكن لأي أمة أن تنهض دون استقرار، ليستمر المجتمع بالعطاء، وتتسارع التنمية كما نشهدها اليوم، والحمد لله.
في صبيحة كل يوم نسمع عن مشاريع عملاقة تقام هنا وهناك، لتكون مصدراً مرافقا للنفط، وتوفير وظائف للمواطنين، وتنويعا للاقتصاد، وهذه المشاريع تتنوع ما بين مصانع بشتى أغراضها، أو مشاريع زراعية، أو توطين للتقنية، أو مصدر متجدد للطاقة، بالإضافة إلى مشاريع سياحية عملاقة في مناطق مختلفة من المملكة، إضافة إلى مشاريع التعليم، والترفيه، يصاحب ذلك إنشاءات ضخمة للبنية التحتية، حفظ الله هذه البلاد وقادتها.