د. فهد بن علي العليان
اللقاء الذي جمعني في مكة المكرمة مع الزملاء في جمعية عون التقنية، هو الدافع لبث هذه الحروف بعد انقطاع. التقيت في ذلك اللقاء بزملاء تتوزع وتتنوع اختصاصاتهم بين الهندسة وعلوم الحاسب والأمن السيبراني، ويجمعهم أنهم تتلمذوا قبل سنوات على صاحبنا صاحب الابتسامة. وبمجرد أن تذكر أمام زملائه أو أصدقائه أو طلابه كنيته (أبو أنس)، حتى ترى الابتسامة تعلو وجوه الجميع؛ وذلك نظرا للتلازم بين ثلاثة: حمزة، وأبو أنس، والابتسامة التي لا يمكن لها أن تفارقه في كل حالاته.
أما عن الجانب العلمي الأكاديمي فالدكتور حمزة غلمان أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية (تصنيع) بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى، حاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية (تصنيع) من جامعة أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، وقبلها نال شهادة الماجستير في الهندسة الميكانيكية (تصنيع) من جامعة أوهايو، إضافة إلى شهادة الماجستير في الهندسة الصناعية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وقبل ذلك شهادة البكالوريوس في الهندسة الصناعية من جامعة الملك عبدالعزيز.
أما المناصب والوظائف فقد عمل عميدا لكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى
لأربع فترات متتالية، وقبلها وكيلا لكلية الهندسة والعمارة الإسلامية للشؤون الأكاديمية، ورئيسا لقسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى لفترتين متتاليتين. أستاذ مساعد بقسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى معيد في قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية
مهنـدس صـناعي فـي مركز توزيـع الأحمـال فـي محطة توليـد الكهربـاء بمكـة التابعـة لكهربـاء الغربية فـي الشـركة السعودية الموحدة للكهرباء.
عرفت أبا أنس (حبيب الجميع)، عندما التقيت به عام 1997م، في بداية التحاقي لدراسة الدكتوراه بجامعة أوهايو، كنت ومجموعة ندرس في كلية التربية، وكان هو ومجموعة أخرى يدرسون في كلية الهندسة، لكنه من بينهم - مع آخرين - كان قريبا من الجميع يخالطهم ويساعدهم ويبتهج بلقائهم بابتسامة لا تفارق محياه، وله ذكرى وذكريات جميلة لا ينساها الذين التقوه وعرفوه في مدينة (أثينز) في فعاليات المركز الإسلامي، وأنشطة النادي السعودي في تلك الفترة.
أستطيع أن أقول: إن د. حمزة غلمان من الشخصيات التي أجمع على محبتها وألفتها الجميع من الدارسين في تلك المرحلة، فقد كان رجلا معطاء يساعد الآخرين ويخدمهم خاصة في ترتيب وتنظيم اللقاءات الاجتماعية والأنشطة المتنوعة داخل المركز والنادي وخارجهما. بقي على ذلك إلى أن عدنا جميعا إلى أرض الوطن، فلم يهدأ عطاء ونشاطا وخدمة للجامعة والكلية والقسم يشهد لذلك ما تولاه من أمور إدارية ومشاركات علمية ليس هذا مجال ذكرها، بل إنه أسهم في العديد من اللجان المتخصصة المرتبطة بمشروع الحرمين، فقد قال في أحد لقاءاته الصحفية: «ولعل من أكثر اللحظات توفيقاً وسداداً هو التشرف بالإشراف مع مجموعة متميزة مختارة من أعضاء هيئة التدريس بالكلية على تصاميم مشروع زيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف بالحرم المكي الشريف وعرضه أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى، ومن مواقف التوفيق والسداد هي تلك التي قضيتها في الأعمال الإدارية بالجامعة والمتمثلة في رئاسة قسم الهندسة الميكانيكية لثلاث فترات ووكالة الكلية للشؤون الأكاديمية لثلاث فترات وعمادتي لكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى لخمس فترات متتالية، بجانب تزامنها مع عمادتي لعمادة معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة».
أعود إلى لقائي بالأكاديميين في جامعة أم القرى الذين أجمعوا على محبة أستاذهم وتقديرهم له واعتزازهم بما قدمه في مسيرته العلمية والعملية، كانوا يتحدثون عنه ببهجة ومحبة واضحة للحضور، وهنا أقول: هنيئا لزميلنا القدير (أبي أنس) هذه المحبة وهذا التقدير، وهو بلا شك يستحق، فقد عرفناه وألفناه ورأينا منه كما نسمع عنه الآن، وهذه من البشائر الجميلة لأستاذ الجامعة حين يجاوره طلابه وهم يحملون عنه أبلغ معاني التقدير.
أما ما قبل الختام، فهو الإشارة إلى أن (أبا أنس) يحمل معاني تربوية وقيما عليا رأيته يلقنها الأطفال وهو يتعامل معهم بكل عطف وحنان، ثم ها هو في أحد لقاءاته ينطق بها فيقول:
«من أصعب المشاعر مشاعر فقد الوالدين ورحيلهما ويبقى الواحد منا طفلاً فإذا ماتت أمه شاخ فجأة!!، وكذلك من أصعب المواقف كان في أول يوم وصلت فيه الملحقية التعليمية في واشنطن ورغم أني كنت حاصلا على درجة ماجستير في الهندسة ولغتي الإنجليزية كانت ممتازة جداً لكن وقت وصولي ضقت جداً وفكرت بالرجوع، وهنا أكرمني الله بموقف زوجتي بالصبر والهدوء فكان موقفها هو المساند والداعم، وكان فعلاً أول وآخر يوم شعرت فيه بالغربة وبعدها ولله الحمد عشت أجمل سنوات عمري هناك في ولاية أوهايو وتكونت أسرتي هنالك وكانت تلك من أجمل مشاعر وفترات حياتي، ومن أجمل المشاعر أيضاً وهي كثيرة ولله الحمد النجاح في الدراسة والتخرج من أرقى الجامعات المحلية والعالمية والمتابعة والسعادة بإنجازات أبنائي الطلاب في ميادين العمل، فنجاحهم هو نجاح لي وأنا أسعد به أكثر منهم، ولا تتصور مقدار سعادتي وأنا أرى أبنائي خريجي الكلية وهم يشغلون أرقى المناصب».
ثم إنه يقول: «أربط الحياة السعيدة من وجهة نظري الشخصية بمخافة الشخص لله تعالى وبمقدار السرور الذي أدخله في قلوب الناس وبما أقدمه للمجتمع وبمقدار خدمتي للناس فخير الناس أنفعهم للناس، وأكون في قمة السعادة عندما يكرمني الله تعالى بقضاء أمور الطلاب وقضاء حوائج الأهل والأقارب والناس بشكل عام».
ولأنه رجل نبيل، فإنه يؤكد: «أنبل الناس في رأيي من وفقه الله لقضاء حوائج الناس والخلق وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله، إن النُّبْل علامة على عُلوِّ الهمَّة، وشرف النَّفس فمن كانت همته عالية ونفسه شريفة تجده حريصاً على حب ومساعدة الآخرين وأن يكون حاذقًا في تعامله مع الآخرين وأن يتجنب التَّكبُّر والتَّعالي على الخَلْق وسوء الخُلُق وظُلْم النَّاس وألا يتجنب التَّعجُّل والحُمْق، وسوء التَّفْكير، ونقصان الحِكْمة في الأمور والبخل والشُّح».
وصلت إلى نهاية مقالي وحديثي عن شخصية أكاديمية وطنية، لكنني أشعر أنني لم أكتب عنه بقدر قيمته وقامته، إلا أن عذري هو ضعف قلمي وقلة حيلة حرفي.
(محبة الناس، كنز يبقى).