مشعل الحارثي
الزيارة التفقدية التي قام بها مؤخراً سمو الأمير بدر بن عبد الله الفرحان آل سعود وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة المكتبات لمشروع (بيت الثقافة) في (واحة الملك سلمان) بالرياض، والذي تم الإعلان أنه سيتم افتتاحه أواخر هذا العام إلى جانب خمسة بيوت ثقافية أخرى في كل من بريدة، وحائل، وجيزان، ونجران، وسكاكا، والتي سبقها في العام الماضي افتتاح أول نموذجين لهذا التوجه الجديد في كل من الدمام بالمنطقة الشرقية وسراة عبيدة، وذلك ضمن استراتيجية وزارة الثقافة وخططها لتحويل المكتبات العامة سابقا من (83) مكتبة إلى (153) بيت للثقافة تعم كافة ارجاء المملكة ووفق رؤية 2030 المؤزرة بالدعم المادي والمعنوي من القيادة الرشيدة التي لا تدخر وسعاً في إنضاج هذه التجربة الجديدة، وتحقيق أهدافها لتطل على المستقبل القريب والمنظور بمشيئة الله بكل ثقة وتميز، وبعد ما سجلته هذه التجربة في خطواتها الأولى الوليدة من أرقام مبشرة بميلاد فجر جديد لنهضة ثقافية جاذبة تلبي تطلعات جميع شرائح المجتمع ويكون لها حضورها وتأثيرها الفعلي في تجذير القيم الحقيقية لمعنى الثقافة وتحويلها إلى سلوك حضاري ملموس، وقد أشارت هذه الأرقام على أن بيت الثقافة بالدمام سجل أكثر من (52) ألف زائر خلال عام واحد بعد أن كان قبل تطويرها لا يتجاوز (5076) زائر سنوياً، ووصلت إعارة الكتب إلى (7600)، وسجل أيضاً بيت الثقافة في سراة عبيدة (46) الف زائر، ووصلت نسبة رضا الزوار في هذين البيتين إلى 93%، إضافة إلى إتاحتها الوقت الكافي لتلبية احتياج جميع الزائرين وعشاق الكتاب من خلال عملها على مدار (15) ساعة يومياً، وهو ما يجعلني أقول آن أوان الثقافة السعودية الشاملة وعودة مجد الكتاب قد آن وذلك اتساقاً مع هذه الخطوات لوزارة الثقافة وجهود هيئاتها المتعددة التي وصلت الى (16) هيئة في تأسيس صورة باهرة للمستقبل، وكما يتطلع إليه سمو ولي العهد ومهندس الرؤية الأمير محمد بن سلمان حفظه الله لتكون الثقافة المرادف الحقيقي للبناء المادي والاقتصادي ورفع مستوى جودة الحياة، وكما أكد ذلك سموه الكريم بقوله: (الترفيه والثقافة سيكونان رافدان مهمان جداً في تغيير مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة).
إننا نتطلع دوماً وبعد هذه الرؤية الواضحة والتوجه الكريم للقيادة الرشيدة، ومع كل تلك الخطوات العملية المبهجة لوزارة الثقافة إلى المزيد والمزيد من هذا العمل المتقن لتصبح بلادنا وجهة للثقافة وحاضنة للإبداع وحاضرة بقوة في المشهد الثقافي المحلي والإقليمي والعربي والعالمي.
ونتطلع منها أيضاً وطالما انضوت هذه البيوت تحت مظلة المكتبات العامة، أن تعمل على بث روح القراءة وتطويرها وإعادتها للواجهة وتجديد قيمتها ومكانتها الرصينة لدى جمهور الثقافة ورواد المكتبات ووضع اليات فاعلة لتشجيع الناس على القراءة حتى نرى الكتاب يصاحبهم في المقهى والحديقة ومحطات النقل وعلى سواحل البحر وكل ما يشعل بريق القراءة وحب الكتاب، ونرى أيضاً خطوات واسعة في الحرص على تبني المواهب والهواة والمبتكرين والمبدعين من الشباب في كل المجالات، وتكون هذه البيوت ساحة لتأهيلهم وبما تحمله من أهداف طموحة.
كما نتمنى العمل على ترسيخ أساليب جديدة وروابط فاعلة للتواصل بين جمهرة المثقفين والكتاب والأدباء والفنانين والتعريف بهم، والاهتمام بدعم الكتاب المحلي ونشره، والعمل على إنشاء قناة أو موقع الكتروني يعنى بمتابعة الإصدارات الجديدة للكتاب والمؤلفين لتقديم الثقافة السعودية بكل اطيافها وتنوعها للأخر، إلى جانب تقوية ثقافة التواصل والتكامل مع المجتمع الخارجي بكل ثقة واتزان، كما نتطلع لإنشاء مركز مستقل للتراث ليكون المرجع للعمل البحثي والميداني ويكون الأرشيف الوطني الكامل للمعلومات التراثية عن المملكة، وباعتبار أن المسرح أداة من أدوات التطوير والتغيير وزرع قيم الخير والحق والجمال فنتمنى تنشيط الاهتمام بالحركة المسرحية المحلية وتفعيلها في كافة المناطق والمحافظات وتخطي كل عقباتها، ومنحها كل العناية لتواكب كل هذا الاهتمام بقطاع وشئون الثقافة.
أما المواطن فينبغي عليه أن يدرك واجباته ومسؤولياته في مساندة كل مشروع ثقافي والتعاون للنهوض به وكل ما يضمن الاستدامة لهذه المناشط والفعاليات سواء بالمشاركة الفاعلة او الحضور، ومواكبة الحياة بذهنية متفتحة قادرة على العطاء والمنافسة.
ولا شك أن هذه الخطوات الجديدة والملموسة لوزارة الثقافة جديرة بالتقدير والثناء ويحق لنا أن نفخر بها وبالقادم المشرق من برامجها ومشاريعها، وكل ما يعزز القيمة الثقافية لبلادنا بمشيئة الله، وفي ظل قيادة راعي الثقافة الأول وعاشق الكتاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين.