عمر إبراهيم الرشيد
يقول بعضهم في وصف تعامل شخص جاف بأن أخلاقه تجارية، بمعنى أنه بشبه تعامل بعض التجار في انهماكهم بالبيع والتحصيل دون الالتفات للتبسم والتبسط مع العملاء. لكن التجار المسلمين هم الذين نشروا الإسلام في بعض دول آسيا ودول الساحل الشرقي الإفريقي، بحسن تعاملهم وأمانتهم وصدقهم في التعامل بالبيع والشراء، وقد قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرءاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى). ولقد كتبت من قبل هنا عن بعض شركات الاتصالات لدينا وعن لغة رسائلهم إلى المشتركين، واستخدام أسلوب مثل (نود تنبيهك بقرب فصل الخدمة) برغم انتظام المشترك وعدم تخلفه عن السداد، وقلت وأعيد هنا ما قلت من قبل، بأن هذا الأسلوب لا يليق بشركات عملاقة وكيانات اقتصادية وطنية لا تحتاج لهكذا لغة تخاطب بها مشتركيها، لأن لديها من القوة والمتانة والحلول الإدارية والقانونية ما يمكنها من تحصيل مستحقاتها من جميع الكيانات، فما بالك بالمشترك الذي يعد محور عملياتها ومرتكز نشاطها الاقتصادي. لذا، بإمكانها استخدام هذا الأسلوب مع من ثبتت مماطلته وإهماله في تسديد رسوم الخدمات التي يحصل عليها، سواء كان المماطل فرداً أو كياناً تجارياً أو خدمياً أو غير ذلك. كما يحسن التذكير بأننا أبناء حضارة إسلامية تقوم على قيم وفضائل وأخلاق تعلم منها الغرب حتى عبر الحروب الصليبية، وعن طريق حضارة الأندلس العربية، وتأثر بها الشرق وأعجب بها وتبناها عن طريق التجار المسلمين إلى جانب الفتوحات، ونحن امتداد لهذه الحضارة كسعوديين، فيجدر بالكيانات التجارية كلها وليست المشغلة لقطاع الاتصالات فقط، أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، والحرص على انتقاء اللغة التي تخاطب بها الجمهور.
الأخلاق لا تصطدم مع المصالح التجارية المشروعة، والحرص على أسلوب الخطاب لغةً ومفردات تميزنا عن غيرنا، حتى لا نكون مقلدين لغيرنا في كل شيء حتى في سلبيات الرأسمالية المتوحشة.. الحضارة أخلاق قبل كل شيء، إلى اللقاء.