خالد بن حمد المالك
في عشرة أيام سوّت إسرائيل السّوايا، وقتلت ما أغلقت به إسرائيل حساباتها مع أمين حزب الله حسن نصرالله وفق ما قاله رئيس وزراء إسرائيل، بقتله بأقل جهد، وبعمل عسكري لم يكلّفها خسارة أو إصابة رجل واحد، ما كشف حقيقة تواضع القوة العسكرية التي كان يُباهي بها حسن نصرالله في خطاباته، وأنه قادر على إزالة إسرائيل من الوجود، لأنها على حد وصفه أوهن من بيت العنكبوت.
* *
خذلته إيران، وتخلت عنه في أيامه الأخيرة الصعبة، وحتى بعد وفاته باستثناء الإعلان عن الحداد وطلب جلسة لمجلس الأمن، فلم نر التعضيد والدعم والمساندة الفاعلة التي كان ينتظرها وتناسب ارتماءه في أحضانها، وتحوّله إلى أداة في يدها، يأتمر بما تأمر به، ويستجيب لما تطلبه منه، وينفذ رغباتها وسياساتها، ولا يعصي لها أمراً يصب في مصلحتها، ويسيء إلى خصومها.
* *
وتناست سوريا من جانبها دوره في قمع الشعب السوري، بإرسال أعداد من ميليشيا الحزب إلى سوريا للبحث عن كل معارض أو محتج على السياسة السورية في أصعب الأوقات التي كان النظام يوشك فيها على السقوط، وما إن قُتل على أيدي الصهاينة حتى رأينا سوريا وكأن ما حدث قضاء وقدر وليس بفعل عدو مقصود، وكأنه لا يستحق حتى التعاطف معه ولو بالكلام اللين الرخيص الذي لا يقدِّم ولا يؤخِّر، ما لفت الأنظار بشيء من الاستغراب أن نعي الرئيس بشار الأسد لحسن نصرالله لم يعلن عنه إلا بعد ثلاثة أيام من مقتله.
* *
كان موقف الأحزاب اللبنانية من جانبها الصمت، كما صمت القبور، فلا تأثر، ولا تأييد، ولا كلمة تطيِّب خاطر أسرته، وإنما مواقف تترجم مرارة ما كانوا يعانونه من تسلّط حزب الله على بقية الأحزاب، بحكم تفوقه العسكري ليس على الأحزاب فقط، وإنما حتى على الجيش الوطني، ما جعل هذا الحزب دون بقية الأحزاب يشكِّل خطراً على كل حزب حُر يهمّه مصلحة لبنان قبل مصلحة إيران.
* *
حتى الدول العربية لم يكن تفاعلها مع مقتل حسن نصرالله أكثر من الصمت الذي يُظهر عدم رضاها من تآمر الحزب على بعض هذه الدول من جهة، وإلى تخليه عن عروبته ولبنانيته لصالح إيران من جهة أخرى، ولهذه حساباتها في الموقف الذي تزامن مع الإعلان عن مقتله في الوقت والمكان الذي حددته إسرائيل.
* *
لا نتشفى، ولكننا نتحدث عن شخصية كانت تتآمر على أبناء جلدتها من اللبنانيين، وعلى وطنها اللبناني، وعن امتداد أذاها وإساءاتها إلى عدد من الدول العربية الداعمة للبنان، فكانت هذه المواقف التي يرى فاعلوها أنه يستحقها وعسى أن يكون في درس حسن نصرالله لخليفته ما يغيِّر في أخذ مسار مختلف يعزِّز اللحمة في الوطن اللبناني، ويعيد العلاقات اللبنانية إلى ما كانت عليه مع الدول العربية بتعاون حزب الله وأمينه الجديد مع أبناء جلدته وأشقائه حتى لا يتحول لبنان إلى أوهن من بيت العنكبوت.
* *
ومع كل هذا فنحن ضد الممارسات الإسرائيلية، ومنها استهداف حسن نصرالله، وضد التصعيد، وكل ما من شأنه زيادة العنف، وتعقيد الأوضاع، وتفجرها بشكل أكبر، ومع إيجاد السبل اللازمة لنزع فتيل التوتر، بديلاً للممارسات والتجاوزات والاعتداءات الإسرائيلية، لما لها من آثار سلبية على الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة في فلسطين، وعلى أوضاع اللبنانيين، وتحيداً حزب الله الذي عليه مراجعة مواقفه وسياساته داخلياً وخارجياً لمنع المزيد من المآسي القادمة، وإيقافها.