رمضان جريدي العنزي
لا تحقر من المعروف شيئاً وافعله حتى ينتشر بين الناس، فإن ازدراء المعروف سبب لإغلاق بابه، أجعل عملك للمعروف ثقافة وعادة، إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، يعاملهم الله بمعروف من عنده بمثل ما كانوا يعاملون الناس به في الدنيا، يكرمهم ويحسن إليهم، إن فعل المعروف عنوان المحبة والمودة وتآلف القلوب وصفاء الأرواح، إن عمل المعروف هو العمل الصالح وهو الرفيق الذي يؤنسك أعظم الأنس، والذي يسير معك في طريقك إلى الله، وهو الذي يطهرك من ادران الذنوب والخطايا، ويمحو عنك الزلل، وهو الذي يبقى معك بعد موتك، وبعد أن يتخلى عنك كل أحد، يرافقك في قبرك ليوسع عليك بعد الضيق، ويؤنسك بعد الوحشة، ويعوضك خير العوض، أن عمل المعروف عمل صالح، وهو أعظم رفيق، وأحسن صاحب، وأوثق علاقة توصل إلى السعادة في الدنيا وفي الآخرة: قال تعالى: { وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا }، إن عمل المعروف في الدنيا منجاة في الآخرة، وسبب من أسباب دخول الجنة، وخصال المعروف لا يمكن عدها ولا حصرها من كثرتها، أن على المرء العاقل المدرك الواعي الحصيف أن يعمل المعروف ويدل عليه، في الأقوال والأفعال، في الموقف، وفي الكلمة، أن من لا يعمل الخير والمعروف، ولا يصل النفع، يحوز الإثم، ويستنبت الكراهية في قلوب الناس، فالقلوب تبغضه، والألسن تدعو عليه، ويتجنبون صحبته ومخالطته ومعاشرته، أن صاحب المعروف نفسه طيبة، ويده سخية، وصحبته مفخرة، ويكسب القلوب، والدعاء والثناء، قال تعالى: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه }، وقال تعالى: { وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } وقال تعالى: { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }, ثم أعلموا أن الدنيا إن أقبلت أدبرت، وأن أزهرت أمحلت، ولا دوام فيها لأحد. قال الشاعر العربي:
المرء يعرف في الأنام بفعله
وخصائل المرء الكريم كأصله
في الجو مكتوب على صحف الهوى
من يعمل المعروف يجز بمثله
أياك تجني سكراً من حنظل
فالشيء يرجع بالمذاق لأصله
إن أنفاس الدنيا قصيرة، وسرعتها مخيفة، وساعة الرحيل عنها خاطفة، والعافل لا يغتر بها، ولا يركن إليها، لهذا لا تمنع الخير، ولا تصد عنه، وازرع شجرة الخير والمعروف لتكون لك ظلاً ظليلا، وأثراً محموداً، وذكرى طيبة.
وقفه:
قصر الكلام، ووش لكم بالطويله:
ترى الحياة أيام، وأحلامها أوهام
مردنا في حفرة مستطيله:
ماهي على أطلاله ولا شارعاً عام