فضل بن سعد البوعينين
المتمعن في الخطابات الملكية عموما، يجد الرسائل العميقة في مضمونها، و التناغم في فحواها، والتوافق بين رسائلها ومخرجات العمل الحكومي في الداخل والخارج، وهو نهج القيادة السعودية التي تميزت برؤيتها وسياستها وبرامجها التنموية المستدامة، وثبات مواقفها، وصدق توجهاتها، وشفافيتها المطلقة في التعامل مع الأحداث وفي التخاطب مع شعبها، والتعبير عن مواقفها الدولية الراسخة.
ففي الخطاب الملكي الذي ألقاه الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، خلال افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، استمع المواطنون إلى تطورات الحراك الاقتصادي ومخرجات رؤية 2030 و التوجهات الحكومية المستقبلية، ومواقف المملكة تجاه القضايا الدولية وعلاقتها بالدول.
تزامن الخطاب الملكي مع احتفائية المملكة بيومها الوطني المجيد، وفرحة شعبها بتوحيد المملكة على يد الملك المؤسس، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، وهي إحتفائية باتت مرتبطة أيضا بالإنجازات الوطنية التي تتحقق في كل عام، وتعزز مكانة المملكة وقوتها وتسهم في ازدهار اقتصادها، وتؤكد رؤية قادتها وحرصهم على بناء الإنسان والمكان وإرساء قواعد الأمن والتنمية.
أكد الخطاب الملكي وضع المواطن في سلم اهتمامات الدولة، وأشار سمو ولي العهد إلى أن منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 والمواطن نصب أعيننا فهو عمادها وغايتها، وأن أي إنجاز يتحقق عبر مظلتها الشاملة للمسارات المختلفة، يعد رفعة للوطن ومنفعة للمواطن وحصانة للأجيال القادمة من التقلبات والتغيرات.
وهذه هي الحقيقة الجَلِيَّة، فالمواطن محور التنمية، ورفعة الوطن، هدف رئيس للقيادة، وهي سبب رئيس لإطلاق رؤية 2030 التي استهدفت إعادة بناء الاقتصاد على أسس من الاستدامة والتنوع، واستثمار المقومات المتاحة، لتحقيق رفاهية المواطنين وضمان مستقبل الأجيال القادمة، بإذن الله.
نجحت برامج الرؤية، خلال سنوات قليلة في تحقيق مستهدفاتها، وهذا ما استعرضه سمو ولي العهد في الخطاب الملكي.
حيث سجلت البطالة أدنى مستوياتها التاريخية في الربع الأول من 2024 عند 7.6 % مقارنة بـ12.8 % في 2017.
وأرتفعت مساهمة الناتج المحلي غير النفطي إلى 50 % في العام الماضي، ما يؤكد تحقيق التنوع الاقتصادي المنشود، كما أن نسبة تملك المساكن للمواطنين ارتفعت من (47 %) في 2016 إلى ما يزيد عن (63 %).
وفي السياحة حققت المملكة تقدما مهما، سابقت فيه المنجزات التاريخ المستهدف، بعد أن وصل عدد السياح 109 ملايين سائح في العام 2023 مقابل مستهدف 2030 الذي حدد بـ100 مليون سائح.
وحققت المملكة المرتبة الـ16 بين الدول الأكثر تنافسية.
أشار سمو ولي العهد إلى أن المملكة من أكبر مخازن الثروات الطبيعية في العالم، بعد اكتشاف الثروات الطبيعية فيها، فلم يعد النفط المخزون الأوحد في المملكة، بل باتت أراضيها حاضنة لأنواع من الثروات الطبيعية التي يحتاجها العالم، ومنها البوكسيت، الفضة الفوسفيت، الزنك، النحاس والذهب، إضافة إلى اليورانيوم.
مؤشرات إقتصادية مهمة، تغذي المواطنين بأهم المعلومات التنموية، ومستهدفات الرؤية، وهو ما اهتم بتوضيحه سمو ولي العهد، لإيمانه بأن المواطن هو الشريك، والمستهدف بعمليات البناء والتطوير.
«المواطن محور التنمية» شعار التزمت به القيادة قولا وعملا، وأثبتت الأيام ومخرجات التنمية صحة مضمونه، ودقة معانيه، ما ساهم في تحقيق رفاهية المواطن وضمان تحقيق معايير جودة الحياة.
كما أن المواطن هو حجر الأساس في عملية النهضة، وعمليات البناء والتطوير وهذا ما يؤكده دائما، سمو ولي العهد في تصريحاته الرسمية.
تأكيد سمو ولي العهد على أهمية دور مجلس الشورى في تطوير الأنظمة وتحديثها، إلى جانب مهامه الرقابية ومتابعته المستمرة لتنفيذ الاستراتيجيات والخطط المعتمدة، يعكس إيمان الدولة بالدور التشريعي والرقابي للمجلس ومساهمته الفاعلة في استكمال البيئة التشريعية المرتبطة بجميع القطاعات، وفي مقدمها القطاعات الاقتصادية، وبما يسهم في تعزيز التنمية، و تحفيز استثمارات القطاع الخاص، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية التي تعتمد تدفقاتها على استكمال التشريعات ووضوحها وشموليتها وبما يحقق للمستثمرين الأمان الاستثماري المبني على المعرفة التامة بالحقوق والالتزامات وآليات التقاضي. دعم القيادة المستدام لمجلس الشورى مكنته من أن يكون فاعلا في مواكبة الرؤية وتمكين مستهدفاتها من خلال تحقيق التكامل مع السلطة التنفيذية، واستكمال الأنظمة المعززة للبيئة التشريعية، الداعمة للإصلاحات، و المحفزة للاقتصاد.
بات الخطاب الملكي الذي يَشرُف به مجلس الشورى كل عام، من مبشرات التنمية، ومؤشراتها الايجابية بحجم الإنجازات المتحققة كل عام، والعمل الحكومي المتميز، وما تحقق من مستهدفات على المستوى الوطني والدولي.