خالد بن عبدالرحمن الذييب
الأديان في العالم وعبر التاريخ لا تخرج عقيدتها عن ثلاثة أمور، هناك إله، وهناك غاية من الخلق، وهناك نظام للعالم. واستمرت البشرية على هذا المنوال العام بالإيمان بالأديان مع وجود حركات غير مؤثرة مثل النص المكتوب Rega-Veda وهو من المخطوطات المقدسة للديانات الهندية عام 1000 ق.م. فالأديان كانت هي الأساس منذ خُلقت البشرية، إلا أنه ومع بداية الثورة العلمية في القرن السابع عشر، بدأ الإلحاد يطل برأسه بشكل واضح لدرجة أن العلم مع الأسف ارتبط عند الأوروبيين ومن تبعهم بالإلحاد أكثر من الدين، وأصبح هناك صراع بين تيارين، تيار المؤمنين، وتيار «العقلانيين» وكأنها رسالة مبطنة بأن المؤمنين غير عقلاء، ولكن السؤال لماذا ارتبط العلم بالإلحاد؟
أعتقد أن أهم سبب في ذلك هو أن الشعوب الأوروبية تحديداً كانوا يعيشون في غيابة الجهل، وكانوا يتحملون أموراً لا تطيقها النفس البشرية، ولكن ما كان يصبّرهم أو يخيفهم أن هناك إلهاً يأمرهم بطاعة رجال الدين الذين هم وسائط بينهم وبين الله، وكان بيدهم صكوك الجنة والنار، ويستدل رجال الدين في قوتهم وصحة دينهم بنظريات حولوها إلى عقائد، وأهمها أن «الأرض مركز الكون»، والتي قال بها أرسطو.
وعندما ثبت علمياً عكس ذلك عن طريق العالم البولندي كوبرنيكوس، فان هذا فتح باباً يصعب إغلاقه على رجال الدين لإن المعنى واضح، «أنكم تخدعوننا طيلة تلك المدة» وإذا اكتشفت كذبك فيما أرى فلن أصدقك فيما لا أرى، فمصداقيتك عندي سقطت. وكذلك ما قاله نيوتن، بقوانينه الثلاث والتي أثبت فيها أن الأرض مثلها مثل أي كوكب تسبح في الفضاء.
إن تلاعب رجال الدين الكاثوليكي بالدين ولّد ردة فعل عند كثير من الأوربيين، فسارتر قبيل وفاته حين طلب من رفيقة حياته سيمون دي بوفوار أن تأتي له بقس، وقالت: سآتي لك بكاردينال، رفض قائلاً: لا أريد كاردينال، إنهم يغشون الإله، إنما أريد قساً متواضعاً من قرية مغمورة، وجاءت له بالقس، واعترف سارتر بهزيمته وأخطائه أملاً في النجاة، وموقف سارتر يقترب من موقف الفيلسوف الفرنسي فولتير إزاء الموت، والذي طلب قساً ليسمع اعترافه قبيل موته، لكن القس رفض تقديم الغفران له ما لم يوقع على اعتراف بإيمانه بالمذهب الكاثوليكي، فثارت ثائرة فولتير وطرد القس، وكتب بياناً جاء فيه :»إنني أموت على الإيمان بالله، ومحبة أصدقائي، وكراهية اعدائي، ومقتي للخرافات والأساطير الدخيلة على الدين».
أخيراً...
موقف الفلاسفة والمفكرين ليس من الأديان، ولكن من رجال الدين سواء كانوا متلاعبين أو مجتهدين اجتهادات خاطئة.
ما بعد أخيراً..
خاطبوا العقول لا تخاطبوا العواطف.