منى السعدي
البشر لا يولدون مع إرشادات تعليمية تمكنهم من التعامل مع الحياة، لكن مع كثرة التجارب والدروس يزداد الشغف لديهم في الاستكشاف والمعرفة حتى تستدرك عقولهم وتتعلم فهم ذواتهم والتعامل معها بالشكل الصحيح؛ لكي لا يسقط بهم ذلك في هاوية الخطأ والفشل..
ترادوني الكثير من الأسئلة التي أرغب في نقلها وأعي بشدة أهميتها، وهي كيف تصبح قائدًا لذاتك؟ وهل من السهل أن يقود الإنسان ذاته؟
إن من القواعد الأساسية التي تبنى عليها جودة الحياة هي أن تكون قادرا على رعاية ذاتك وتحمل مسؤوليتها وما يصدر عنها من أخطاء بارع في تصحيحها، ورد في الأثر عن بعض السلف: «اعرف نفسك تعرف ربك» قال ابن القيم: من عرف نفسه بالضعف عرف ربه بالقوة، ومن عرفها بالعجز عرف ربه بالقدرة، ومن عرفها بالذل، عرف ربه بالعز، ومن عرفها بالجهل، عرف ربه بالعلم.
الجميع يمكنهم أن يمتلكوا مهارات قيادة الذات بعد معرفتها والتدرب عليها، ولكن هناك فرقا بين من يقود نفسه بحذر ووعي، وهناك من يقودها بتهور وصراع وسلبية، ومع هذا فإنه من الممكن أن يحسن من تلك الأفكار والمشاعر من خلال مراقبتهم لها بشكل مستمر والتغلب عليها حتى وإن كان هناك ما يثيرها بسلبية، ومن المهم أن يعرف أنه يستطيع أن يختار الطريق الذي يشعر معه بالثقة ويعبر فيه عن ذاته والذي بناه وأسسه بنفسه.
من الصعب قيادة الذات، لكن إذا أردت أن تقود غيرك عليك أن تقود ذاتك ويجب أن تضع أهدافًا نصب عينيك وتستمر في اكتشاف قدراتك ومهاراتك وحدودك مدى الحياة، ونعني بمصطلح «قيادة الذات» هو امتلاك المهارات الأساسية في الحياة التي تمكن الإنسان من عيشها بقيمة ومعنى.
تعتمد قيادة الذات الناجحة على عناصر عدة منها الرغبة الحقيقية، وقوة العزيمة والإصرار والتفاني في القيم والتركيز على الأمور المهمة.
وفي الختام، معرفة الذات رحلة طويلة تستغرق العمر بأكمله، وقيادتها تستلزم كثيراً من الجهد و الإنسان غير معصوم عن الخطأ في تعامله معها، ولكن حاول أن تتعلّم حتى لا تكررها وتفقد رونقها.