سطام بن عبدالله آل سعد
لطالما كان مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل فعالية تراثية عالمية تسلط الضوء على تراث المملكة وثقافتها الغنية، مستقطبًا اهتمامًا واسعًا من جميع أنحاء العالم. فقد تطور المهرجان على مر السنين ليصبح رمزًا للتنظيم الدقيق والإبداع، ويعكس مكانة المملكة المتقدمة في الحفاظ على تراثها وذلك بقيادة رئيس مجلس إدارة نادي الإبل الشيخ فهد بن حثلين.
ومع الإنجازات المبهرة التي حققتها المملكة في التحول الرقمي، وحصولها على المركز الأول إقليميًا والرابع عالميًا في مؤشر الخدمات الرقمية، أصبح من الضروري أن تتبنى جميع القطاعات، بما فيها مسابقات الإبل، تقنيات حديثة وأهمها الذكاء الاصطناعي لتطوير وتحسين نظام المسابقة. هذه الابتكارات تضمن استدامة الحدث وجعله في طليعة المهرجانات العالمية.
استخدام الذكاء الاصطناعي في تحكيم مسابقات الإبل سيحدث نقلة نوعية كبيرة في دقة وفعالية المسابقات. يعتمد هذا النظام على تكنولوجيا متطورة مثل الرؤية الحاسوبية والتعلم العميق، بالإضافة إلى كاميرات المراقبة عالية الدقة والمستشعرات المتخصصة لقياس الحركات الحيوية. يتم تغذية هذه التقنيات بمعايير ومؤشرات محددة تشمل حجم الإبل، لونها، شكل وحجم الرأس، طول الرقبة، والأذنين، والسنام، وحركة الجسم، وغيرها من المعايير الضرورية.
بعد ذلك، يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل هذه البيانات بسرعة ودقة عالية باستخدام خوارزميات متقدمة لتقديم تقييمات موضوعية تحدد الإبل الأقرب إلى المعايير المثالية. هذا التحليل يساهم في اتخاذ قرارات دقيقة وصحيحة وفورية، ويقلل من زمن التحكيم بشكل ملحوظ، ما يحد من التحيزات البشرية ويضمن موثوقية النتائج النهائية.
وعلى الرغم من تقليل الاعتماد على التحكيم البشري التقليدي، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي يتطلب توظيف مختصين في مجالات تحليل البيانات، وتطوير الخوارزميات، وصيانة المعدات التقنية المستخدمة.
هذه الوظائف التقنية توفر فرص عمل جديدة للشباب والشابات في مجالات التكنولوجيا والابتكار، مما يدعم نمو القطاعات المرتبطة بالاقتصاد الرقمي.
إدخال الذكاء الاصطناعي في مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل يلفت أنظار الشركات التكنولوجية المحلية والعالمية لتقديم حلول مبتكرة، مما يشجع على استثمارات جديدة في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، يمثل هذا التحول فرصة للشركات المصنعة لتسويق منتجاتها وتطوير شراكات تجارية مع المنظمين.
دمج الذكاء الاصطناعي في تحكيم مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل لا يعزز فقط دقة وشفافية المسابقات، بل يعيد تعريف كيفية الاستفادة من التكنولوجيا لخدمة التراث. هذه الخطوة تعكس رؤية المملكة نحو مستقبل رقمي مزدهر ومستدام مع الحفاظ على قيمها الثقافية.
ومع هذا التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، هل يمكننا أن نتصور كيف ستبدو المهرجانات التراثية الأخرى إذا تبنّت نفس التقنية؟ وما هو الدور الذي يجب أن يلعبه القطاعان العام والخاص لدعم هذه التحولات الرقمية في الفعاليات التراثية؟ إن تبني هذه الأفكار لن يُسهم فقط في تعزيز مكانة المملكة عالميًا، بل سيؤسس لجيل جديد من الفعاليات التراثية المستدامة ذات الأثر الاقتصادي والثقافي العميق.
** **
- مستشار التنمية المستدامة