أ.د.صالح معيض الغامدي
ربما تعد المقابلات واللقاءات الشخصية مع الأدباء والمثقفين والمفكرين وغيرهم شكلاً فريدًا من أشكال السيرة الذاتية يمكن تسميته بـ«السيرة الذاتية التعاونية» حيث يلعب كل من القائم بالمقابلة (المقابِل) والشخص الذي تجرى معه المقابلة (المقابَل) دورًا في تشكيل هذه السيرة الذاتية. ويمكن أن يؤدي هذا النهج التعاوني إلى وصف غني ومتعدد الأوجه لحياة الشخص، يتضمن وجهات نظر متعددة ورؤى مختلفة.
ومن المهم النظر في الديناميكية التي تجري بين الطرفين وكيفية تأثير تفاعلاتهما على المنتج النهائي. ويمكن للمقابلات أواللقاءات السيرذاتية أن تقدم فهمًا أعمق لتجارب الشخص ووجهات نظره، وتسليط الضوء على رحلته الشخصية بطريقة قد لا تلتقطها السير الذاتية التقليدية.
ولأن هذه المقابلات تجرى مع المقابَل من أشخاص متعددي الثقافات والاهتمامات فإنها تركز على جوانب مختلفة من حياة الشخص المقابَل، وتشكل في مجموعها سيرة ذاتية تعاونية أكثر ثراء وشمولا من السيرة الذاتية العادية التي يكتبها صاحب السيرة الذاتية.، نظرا لأنه يشترك في إعدادها أو كتابتها كل من صاحب السيرة الذاتية والمقابل أو مجري / مجرين المقابلة، سواء أكان اللقاء شخصيا مباشرا مع المقابَل أم تمت المقابلة بطريقة غير مباشرة وذلك عن طريق طرح الأسئلة كتابة أو تسجيلا صوتيا وتلقي الأجابات وفقا لذلك.
ومن الملاحظ أن صاحب السيرة الذاتية ليس حرا في سيرته فلا يستطيع أختيار سرد ما يريد من تجاربه الحياتبة وإهمال ما لا يريد منها، لأن ثمة شخصا أو أشخاصا آخرين يحددون له سلفا الأبعاد والتجارب الحياتية التي ينبغي عليه أن يتحدث عنها.
أما من يقوم بجمع هذه المقابلات واللقاءات في كتاب فيكون عادة المقابَل صاحب السيرة نفسه، أو أحد المقابلين أو أي شخص آخر مهتم بحياة هذه الشخصية التي أجريت معها هذه اللقاءات.
ومن المهم أن نشير هنا في نهاية هذا المقال إلى أن الأبعاد التعاونية في هذا النوع من السير الذاتية لا تقتصر على الجوانب المضمونية للسيرة، بل يتعدى ذلك إلى الجوانب الشكلية، فلكل لقاء أو مقابلة سمات شكلية معينة قد تتفق في بعض جوانبها مع المقابلات الأخرى، ولكن يظل لها طابعها الشكلي الخاص الذي تنفرد به. وهذا المزيج من الأشكال بالإضافة إلى تنوع المضامين التي أشرنا إليها قبل قليل، هو ما يشكل السيرة الذاتية التعاونية في نهاية الأمر.