تركي بن رشود الشثري
في طريق الكتابة لا يعلم الكاتب أنه في طريقه للبيت
العودة إلى البيت تحمل الكثير من المشاعر التي لا يحرص السائر على وصفها.
إنه يهتم لعيشها أكثر من أي شيء آخر..
قد يمر على الكاتب أحوال يتعمد فيها الإبهار ودقة الوصف..
ولكنه بعدما يعيش نعمة الوصول يهدأ صريف قلمه، وتسكن رياح أوراقه، ويضم الأشرعة على صدره بحنو، ويطوي مراحل الطريق في النظر إلى بيته الدافئ.
الكتابة غاية، وليست وسيلة
نعم يعيش الكاتب دهرًا، وهو يتوسل بالكتابة لأغراض الكتاب المتفاوتة، لكنه بعدما يعود إلى بيته، ويعيش بوصفه كاتبًا تتحول الكتابة عنده إلى غاية.
عندما تتحول الكتابة إلى غاية، فإنها تمنح الكاتب كل شيء
وأول ما تمنحه إياه نفسه
إنها تقدمه لنفسه من جديد
تعيد شرحه من جديد
تعيد صياغته من جديد
إنه كاتب فقط
إذا عاش الكاتب وفقًا لأنه كاتب، فإنه بذلك يعيش الحياة الحقيقية.
من أجمل ما قرأت في التحريض على الكتابة كتاب: ((أنت كاتب فتصرف وفقًا لذلك)) لجيف غوينز.
إنه يقترح على الكاتب أن يقوم بالأمور التي يحبها، عليه أن يكتب فحسب!
ما هو حلمك في الحياة؟
((أتأمل أن أكون كاتبًا))
أنت لا تحتاج إلى أن ترغب في أن تصبح كاتبًا، لأنك كاتب بالفعل، عليك أن تباشر الكتابة فحسب!
«هناك كاتبٌ جديد يولد كل يوم»
هناك نفوسٌ جاءت إلى هذا العالم بِقَدَرٍ مُحَدَّدٍ سلفًا وهو:
أن تشارك كلماتها مع غيرها لتوصل رسالة، وتصنع بعض الفرق، وذلك لأن كلماتها تملك قوة عظيمة لإثارة القلوب، وتحريك الأرض وما عليها، وجلجلة السماء، ستفعل كل هذا إذا قامت بالكتابة، إنه أمر مخيف أليس كذلك؟
ماذا عنك؟ لقد ولدت من أجل هذا الشيء، وأنت على استعداد للقيام بخيارٍ مختلف، أنت مستعد لتصبح كاتبًا حتى إن لم تشعر بذلك بعد.
«حان الوقت لتتوقف عن اختلاق الأعذار والبدء بالكتابة، لقد حان الوقت لتصبح كاتبًا، لا أن تكون مسوقًا، أو مدونًا، بل كاتبًا حقيقيًا»
كلمات جيف غوينز صدمتني
لقد صرت شخصًا آخر بعدما قرأت كتابه
لقد حَرَّك شيئًا كامنًا
لقد آمنت بتأثير الكتب، لكنني لم أعلم بأنها تقدمك لنفسك!
لقد عدت إلى بيتي
الكتابة هي بيت الكاتب
إذا خرج الكاتب من بيته يتشتت بين المهام التي لا تنتهي.
إذا عاد الكاتب إلى بيته بدأ بالكتابة
الكتابة كما أعرفها ليست الإمساك بالقلم، وتحدي الصفحات الفارغة فحسب
الكتابة كما أعرفها هي الاتحاد بالذات والانسجام بين العقل والروح، والانطلاق في عباب الحياة على مركب واحد، وفي طريق واحد، وإلى غاية واحدة.
الكتابة كما أعرفها هي الانفتاح على جميع الاحتمالات، والإصغاء لجميع الأصوات، والنظر لجميع الألوان، والحلول في كل التجارب
كيف يكون ذلك وقد رفضت الشتات؟
كيف يكون ذلك والمركب واحد والطريق واحد والوجهة واحدة؟
كل ذلك يكون
يجوز للكُتَّاب ما لا يجوز لغيرهم
إن التوحيد لا يعني الانفصام عن العالم
داخل العالم/خارج العالم
هذه هي المعادلة السهلة جدًا جدًا على الكُتَّاب
أما أرباب المهن فهم يحترفون، وقد يبدعون في الكتابة كمهنيين، ولكنهم في طريق واحد غارق في المشتتات، وعلى مركب واحد مليء بالثقوب، وغاية واحدة متشعبة الرؤوس كلما قطعوا رأسًا نبت مكانه ألف رأس!
مهنتي ليست الكتابة
أنا كاتب، وأعيش وفقًا لذلك..