د.علي آل مداوي
تحتفي المملكة بذكرى يوم البيعة الذي يصادف الثالث من شهر ربيع الآخر 1438هـ، الذكرى العاشرة لتولي مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - مقاليد الحكم، وهي مناسبة عظيمة، في أيام خالدة كريمة، ودليل راسخ على متانة العلاقة وقوة الروابط بين الراعي والرعية تتجسد من خلالها أبهى صور التلاحم.
بقلوب يملؤها الحب والأمن والاطمئنان والإنجاز والعطاء، في مجالات الحياة وصنوفها، فنشاهد عجلة التطور ماضية بكل اقتدار وثبات وتحقق النجاح وبامتياز.
وتأتي الذكرى العاشرة ليوم البيعة وبلادي تعيش إنجازات تنموية رائدة على كافة الأصعدة وفق رؤية 2030 التي حققت بلادي قفزات من النجاحات الباهرة بمتابعة مباشرة وحثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء «حفظه الله» والتي تتجسد عبر مشروعاتها الضخمة، بطموحات عظيمة رسمت مستقبل مشرق للوطن والمواطن وعكست تلك الإنجازات التنموية الطموحة مكانة بلادي الرائدة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
تشهد بلادي نجاحا منقطع النظير، رسمت أعظم نجاح كما وصفها سمو سيدي ولي العهد بأنّ «السعودية أعظم قصّة نجاح في القرن الـ 21».
وتمثل المواطنة والمواطن السعودي محور اهتمام في كافة المشاريع التي تشهدها بلادي والقفزات التي حققتها على كافة الأصعدة، التي حققت جودة حياة مستدامة، وإيجاد نهضة حضارية متكاملة يشار لها بالبنان، وتوفير سكن ملائم، وبيئة نقية خالية من التلوث، وخدمات صحية متميزة منقطعة النظير، التي حققت الرفاهية وحياة كريمة للمواطنة والمواطن السعودي وفق رؤية طموحة.
تفخر بلادي بمناسبة ذكرى يوم البيعة العاشر في هذا اليوم التاريخي بمسيرة عقود طويلة من التنمية المستدامة والتقدم والازدهار اللافت، وحققت قفزات نوعية هائلة في كافة المجالات ولا تزال تمضي بخطى سريعة وثابتة نحو آفاق واعدة، وبهذه المناسبة سنتطرق إلى أبرز الإنجازات التي حققتها على كافة الأصعدة، وهي كالتالي:
الصعيد السياسي
تتمتع بلادي بنظام حكم قوي وراسخ يوحد السلطة ويساهم في تكريس الاستقرار السياسي والتوجيه الحكيم للسياسات الداخلية والخارجية، وتلعب دورًا محورياً مهمًا ورائداً على الصعيدين الإقليمي والدولي عبر قنواتها الدبلوماسية المتزنة وسياساتها المعتدلة للم الشمل العربي وتفعيل العمل الخليجي والعربي المشترك على كافة الأصعدة بما يساهم في إرساء دعائم الاستقرار ويحقق النهضة والتقدم للشعوب العربية من المحيط إلى الخليج.
كما استضافت العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية، وزيارة العديد من زعماء العالم لعقد شراكات استراتيجية مع المملكة لدوره الرائد على كافة الأصعدة، إلى جانب دورها الرئد في ترسيخ الأمن والاستقرار الدولي، وبذل كافة جهودها لتقديم الدعم اللازم عبر قنوات الحوار والدبلوماسية الفاعلة لحل كافة القضايا والأزمات الإقليمية والدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وبما يحقق كذلك المصالح العربية المشتركة، وتحافظ أيضاً على علاقات دبلوماسية وطيدة مع كافة الدول، ولها دور لافت وحضور بارز ومهم في المنتديات والمؤتمرات الدولية وبناء شراكات مع الدول في المجال الاقتصادي والامني والتنموي.
وعلى مر التاريخ سجلت سياستها المتزنة مواقف مشرفة وناجحة، واحترام السيادة، مع الدول التي تربطها علاقات أخوية ودول تربطها علاقات صداقة، حيث جاءت رؤيتها لتستكمل هذا النهج، إذ تميزت بتكاملها ودعم التنمية، وربطت بين الاقتصاد ومفهوم الوسطية الدينية في نهجها والحفاظ على البيئة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وأيضاً احترام المواثيق والأعراف الدولية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مما أكسبها مكانة واحترام وتقدير جميع دول العالم.
الصعيد الاقتصادي
تعد اليوم من أقوى 20 اقتصاداً مؤثراً على مستوى العالم، وتسعى إلى أن تتبوأ مكانةً أكثر تقدماً بحلول عام 2030م، ويشهد اقتصادها تحولًا ايجابياً نتيجة الإصلاحات الجارية للحد من الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل وتعزيز التنافسية، وتحقيق رؤيتها لعام 2030.
كشف تقرير أداء»رؤية 2030» تقدماً كبيراً في مؤشرات اقتصادها، وذلك بعد مرور 8 أعوام على إطلاقها في 25 أبريل 2016.
وعلى الصعيد الأمني حقّقت المملكة إنجازات هامة في عام 2024 في مجال الأمن والأمان. وحصلت على المرتبة الأولى في مجلس الأمن الدولي في المجال الأمني. علاوة على ذلك تحتلّ المركز الأوّل في المؤشّر العالميّ لضبط الجريمة، الأمر الذي جعل البلاد محلّ ثقة المواطنين، لا سيما الخدمات التي تقدّمها الشرطة على وجه الخصوص، كما حققت نجاحا باهرا وبامتياز لتنظيم حج عام 1445هـ وسط اشادة إقليمية ودولية، وتعد بلادي الدولة الأولى عالمياً في إدارة وتنظيم الحشود البشرية، خبرات تراكمية من سنوات طويلة بتنظيم مواسم الحج بحضور ملايين البشر من مختلف أرجاء العالم.
الصعيد التقني
باتت بلادي منارة ولها مكانة عالمية باستضافة المؤتمرات والقمم التقنية من خلال تطوير اقتصاد رقمي وبيئة اقتصادية قائمة على الابتكار والتكنولوجيا، وتعزز تطوير المهارات التقنية لدى كافة أبناء الوطن.
وقد استضافت مؤتمرات كبرى مثل النسخ الدورية لمؤتمرات «ليب و»فنتك الدولي « ومؤخراً «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي وتستضيف النسخة الرابعة من المنتدى الدولي للأمن السيبراني في مدينة الرياض، تحت شعار: «تعظيم العمل المشترك في الفضاء السيبراني وغيرهم من المؤتمرات الكبرى، مما يعكس اهتمام المملكة بالتكنولوجيا الحديثة، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنية المالية.
وعلى الصعيد الثقافي الفوز باستضافة معرض «إكسبو 2030» وسط تأييد دولي كثيف لبلادي، ونجاحها في حشد عدد كبير من الدول للتصويت لها 119 صوتًا يمثل الأغلبية، كما حققت بلادي تقدم لافت في المشاريع الإنشائية والبرامج التدريبية والتأهيلية في تعزيز القطاع الثقافي، زيادة الكوادر المؤهلة البشرية حيث زاد عدد هم في «القطاع الثقافي إلى 216,878 موظفًا، بناء المنشآت الثقافية المكتملة لـ45 منشأة، وارتفع كذلك عدد أيام الفعاليات الثقافية إلى 3934 يومًا، كما قد تم افتتاح عدد من المتاحف، واكتملت أعمال التأهيل والترميم لعدد من المواقع التاريخية.
وبلغ عدد المواقع التراثية السعودية المدرجة لدى اليونسكو 7 مواقع متجاوزة مستهدف العام المقدر بـ 6 مواقع، مقارنة بخط الأساس البالغ 4 مواقع، ومقاربة من مستهدف عام 2030 البالغ 8 مواقع، وكان آخر تلك المواقع المسجلة بقائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) محمية «عروق بني معارض».
وعلى الصعيد الرياضي تحظى الرياضة بتطور كبير على كافة الأصعدة، باحتضان الفعاليات الكبرى، والبطولات العالمية، وتحسين البنية التحتية، مما أسهم بتواجُد المملكة على خارطة الرياضة عالمياً.
تؤكد ريادتها واستضافتها للفعاليات والأحداث العالمية وتنظيم البطولات، وبات الدوري السعودي من أقوى الدوريات حيث بات يحظى بمتابعة عربية وعالمية.
لحظة تاريخية لاستضافة أكبر نسخة على الإطلاق في تاريخ كأس العالم 2034، واستضافتها لبطولة كأس آسيا تحت 17عاما نسخة 2025، فوز ملفها باستضافة بطولة كأس آسيا 2027 للمرة الأولى في تاريخها، التي أصبحت مؤخرًا وجهة رئيسة لأكبر الأحداث الرياضية في العالم.
تنظيم دورة الألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية عام 2025، ونسخ إضافية من الدورة في أعوام لاحقة، وذلك امتداداً لسلسلة البطولات العالمية المتنوعة التي نجحت بلادي في استضافتها في الآونة الأخيرة، وتأكيداً على موقعها الريادي بصفتها مركزاً عالمياً للرياضات الإلكترونية.
ضمن بطولة العالم «إي بي بي فيا فورمولا إي»، في موسمه السّابع حيث شارك حوالي 12 فريقًا دوليًّا في سباق فورمولا إي الدرعيّة 2024.
القطاع السياحي
حققت المملكة إنجازًا في قطاع السياحة حيث حصلت على المركز الثاني عالميًا في نسبة نمو عدد السياح الوافدين خلال العام 2023، وأعلنت مُنظمة السياحة العالمية عن اختيار بلادي لاستضافة الدورة السادسة والعشرين للجمعية العامة للمنظمة عام 2025، كما وكشفت وزارة السياحة في 1445 عن تحقيق فائضاً كبيراً في ميزان المدفوعات لبند السفر، حيث بلغ الفائض 22.8 مليار ريال مقابل عجز قدره 1.6 مليار ريال في الربع الأول من العام السابق.
ووفقاً لتقارير المنظمات الدولية العالمية، حظيت بلادي في وقت سابق، بإشادات دولية واسعة من قبل منظمة السياحة العالمية (UN Tourism) والمجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) لحصولها على أكثر من 100 مليون سائح من الداخل والخارج خلال عام 2023م، واشادت المنظمات الدولية على الجهود الكبيرة التي تميزت بها قطاع السياحة.
وفي المجال الصحي أكثر من 30 مليون مستفيد من تطبيق «صحتي»، وأُطلقت كذلك خدمة «طبيب لكل أسرة» لتقديم كافة الرعاية الصحية والوقائية والعلاجية التي يحتاجها المواطن، كما تم تدشين منصة «نفيس» التي استفاد منها أكثر من 14 مليون فرد.
قطاع التعليم
شهد تقدمًا ملموسًا في مجال التحول الرقمي في التعليم. فعلى سبيل المثال، قامت بتطوير العديد من البرامج التعليمية الرقمية، مثل برنامج «منصة مدرستي» وبرنامج «بوابة عين». كما قامت بتدريب أكثر من 100 ألف معلم على استخدام التقنيات الرقمية في التعليم، وكذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم.
ولدى الجامعات السعودية مكانة مميزة على الصعيدين المحلي والدولي بفضل التزامها بالتميز الأكاديمي والبحث العلمي، في العام الحالي.
مبادرة السعودية الخضراء
زراعة أكثر من 49 مليون نبتة في مختلف مناطق المملكة، وأكثر من 3 ملايين شتلة برية، واعيد تأهيل أكثر من 975 هكتارًا من المدرجات الزراعية في الجنوب الغربي للمملكة، مُجهزة بتقنيات حصاد مياه الأمطار، فيما سجَّل مؤشر مساحة الغطاء النباتي المعاد تأهيله 192.4 ألف هكتار، متخطياً مستهدف العام البالغ 69 ألف هكتار. وأصبح دورها ريادي في المجال البيئي ولمكافحة قضايا التغير المناخي، التي حققت بلادي تقدماً لافتاً في مبادراتها البيئية المستدامة، لتكون انطلاقة مميزة نحو حقبة خضراء وغد أكثر استدامة.
انخفاض معدل البطالة
وبلغ معدل البطالة بين السعوديين 7.1 %، مقارنة بخط الأساس البالغ 12.3 %، ومتجاوزًا مستهدف 2023 البالغ 8 %، فيما يبلغ مستهدف الرؤية 7 %. ما عزز إيجاد مزيد من خلق الوظائف. وبخصوص الأشخاص ذوي الإعاقة القادرين على العمل، فقد بلغت نسبتهم 12.6 %، مقارنة بخط الأساس 7,7 %، متخطية مستهدف العام البالغ 12.3 %، فيما يبلغ مستهدف الرؤية 15 %.
مشاريع تنموية وفق رؤية 2030
مشروع الدرعية الذي يهدف إلى تحويل الدرعية إلى وجهة ثقافية وسياحية عالمية، مترو الرياض، وهناك أيضًا مشروع البحر الأحمر، الذي يهدف إلى إنشاء منتجعات سياحية فاخرة وتطوير السياحة البحرية، وكذلك مشروع نيوم ذا لاين إلى إنشاء مدينة ذكية ومستدامة على ساحل البحر الأحمر. ومشروع السيارات الكهربائية سير، مشروع المسار الرياضي، مشروع حديقة الملك سلمان، قمم السودة، برنامج المملكة لرواد الفضاء، مشروع سندالة، مشروع الشعيبة لطاقة الشمسية، والمربع الجديد، مشروع هايبر لوب للنقل السريع، ومشروع تطوير العُلا، هو أحد مشروعات رؤية السعودية 2030، تهدف إلى تطوير العُلا وتحويلها إلى وجهة سياحية تراثية عالمية.
ختاماً، حققت بلادي إنجازات مبهرة حسب الرؤية الطموحة وهي تعيش ذكرى يوم البيعة العاشر، وقد حققت الرؤية أداء مميزا في مؤشراتها على صعيد ركائزها الثلاث مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح تضيء مساراً جديدًا ينمو فيه الوطن والمواطن، ويُسهم في توفير فرص النجاح للأجيال القادمة، وحققت نجاحات على الصعيدين الداخلي والخارجي، وأصبحت لها قوة ومكانة إقليمية ودولية، كونها أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، وعضوا فاعلا من دول مجموعة العشرين، مجموعة «بريكس»، وقوة مؤثرة في القرارات الدولية، ورائدة في مكافحة الإرهاب، وتعزيز الامن والسلم الإقليمي والدولي.