هناء الحمراني
عندما تطلق المنظمة خطتها الاستراتيجية، تهلل قياداتها فرحًا، ويتنفس المخططون الصعداء لأنها رأتِ النور، ولا يعلم أحد حجم هذه الفرحة إلا من جرب بناء الاستراتيجية، ولا يعلم أحد حجم خيبة الأمل إلا من رآها لا تتعدى الأوراق، أو تحقق مستويات أقل من المأمول.
ما الذي يجعل استراتيجيات المنظمات تفشل؟ وكيف نضمن نجاحها؟ في هذا المقال سنستعرض ثلاثة أسباب فقط لعدم نجاح الاستراتيجية، وهي من وجهة نظري المتواضعة أساسية للتنبؤ بما سيحدث لخططنا.
السبب الأول: وضع توقعات غير واقعية: تبدأ الاستراتيجية عادة بتحليل الواقع، ومعرفة نقاط القوة والضعف، وأين نحن الآن. وما هو التاريخ التراكمي لما نحن عليه؛ فكم هي أرباح هذا العام؟ وكم كانت أرباح الأعوام السابقة؟ ما سبب ثبات الربح أو بقائه في المستويات الحالية؟ إلى أي مدى يمكننا التأثير على الأسباب وتحسين الأداء؟ هل الأمر في متناول اليد، أم أنه خارج نطاق السيطرة، وخارج قدرات المنظمة؟ كل هذه الأسئلة هي داعمة لتحديد مستوى التقدم المتوقع في حال استطعنا معالجة التحديات التي تسببت في تشكيل ماضي الأرباح، وفي حال كانت لدينا توقعات طموحة، فإن هذه التوقعات ينبغي أن تقابل بحشد الجهود والإمكانات لتحقيقها، وهذا يقودنا إلى السبب الثاني لنجاح أو فشل الاستراتيجية، وهو مشاركة المنفذين الحقيقيين في بناء الاستراتيجية.
والمنفذون هم الذين يتواجدون في أعلى السلم الوظيفي، كما يتواجدون في منتصفه، ويتواجدون في الصفوف الأمامية التي تقوم بالتنفيذ المباشر للمهام، كالمعلم في الصف، والطبيب في المستشفى، والمهندس في موقع البناء؛ فبدون آرائهم ومشاركاتهم لتوجهات منظماتهم يصعب تحقيق الرؤية التي يرجى تحقيقها. وتكون المشاركة في كل مراحل الاستراتيجية: عند بنائها، وأثناء نشرها في المنظمة، وفي مرحلة التنفيذ، وجني الثمار.
قد يكون إشراك هذه الأعداد الكبيرة في المنظمات مكلفًا، أو متعذرًا، وهنا يأتي دور التقنية للوصول إلى هذه الشرائح، والتعامل معها، وأيضًا كلما كانت الاستراتيجية متماسكة كانت لها القدرة على احتواء المنفذين والمستهدفين فيها.
السبب الثالث الذي قد يحول دون نجاح الاستراتيجية عدم وجود نظام متابعة صارم، يمكنه رصد التقدم، على المستويين الكمي والنوعي، ونظام المتابعة لا يقصد به بناء التقارير ونشر المنجزات وحسب، بل هو نظام يهدف إلى المحافظة على الموارد البشرية والمادية، وبناء المشاريع بما يخدم الاستراتيجية ويدعم تحقيق أهدافها.
يمكن اختصار ما سبق في ثلاثة مقومات: الواقعية – التواصل - المراقبة. وتحت هذه الكلمات تندرج الكثير من المهارات ومنها حل المشكلات، والتفكير الإبداعي، والمرونة، والقدرة على اتخاذ القرار.
نحن الآن في زمن التخطيط الاستراتيجي، ولنا في نجاح رؤية 2030 واحترافيتها أكبر المثل، النظرة بعيدة المدى، التي تقرأ الواقع، وتستشرف المستقبل، وتستثمر الموارد، بقلب لا يعرف الخوف، وروح تستعذب الإقدام، وفي رؤية 2030 يمكننا أن نرى مقومات النجاح الثلاثة، والتي تعد قصة نجاح نرويها لكافة دول العالم، ونورثها للأجيال القادمة من بعدنا.