د.م.علي بن محمد القحطاني
فتحت أبواب وقد لا تغلق، تشجع الاستهلاك وليتها حقائق ولكن يحوف ببعضها الكثير من التدليس والغش، فقد تحوّلت إلى استراتيجيات تسويقية نسخة مما هو موجود في دول أخرى دون مراعاة للفوارق بين المجتمعات، فديننا يحثنا على الصدق في الوعود والوفاء بالعهود وعدم الغش والتدليس فما رأيك عندما تقرأ إعلانا سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في المحال نفسه ماذا تفهم منها تخفيضات من 30 - 90 في المائة على أصناف محددة وفترة محددة كيف تستطيع وزارة التجارة ضبط مثل هذه الأمور وكل الأبواب والاحتمالات مفتوحة فلا زمان محدد ولا أصناف محددة ولا فترة محددة كله في الهواء وكيف يمكن للمواطن مساعدة نفسه ووزارة التجارة -وكالة حماية المستهلك- في الابلاغ عن مخالفة إن وجدت ولم أشر هنا إلى جمعية حماية المستهلك الحاضر الغائب.
فالدولة لم تأل جهدا في سن أنظمة وإنشاء كيانات من وزارات وإدارات ومؤسسات وجمعيات لتسهيل حياة الإنسان وتحقيق جودتها وفي مجال حماية المستهلك، فهناك وكالة بأكملها بوزارة التجارة وكذلك جمعية ودورهم مهم وكبير في مواجهة هذه الممارسات.
وهناك نوع آخر للدفع باتجاه النمط الاستهلاكي لا يقل عنه خطورة وهو اتفاق بعض البنوك مع شركات الطيران بأن تكون مشتريات الفرد باستخدام بطاقة هذا البنك أو ذاك الائتمانية لتحصل على أميال تؤهلك للسفر على شركة الطيران نفسها ـ وهذا النوع أو الفكرة يتمشى بهما في أغلب شركات الطيران العالمية وإن كنت أخشى أننا طبقنا الفكرة ونسينا مصداقية الفكرة وأخلاقياتها، فيبدأ المستهلك المغلوب على أمره بتصديق تلك الأكاذيب وفي سباق مع نفسه لإنفاق أكثر قدر ممكن من الأموال ليحصل على حلم مستحيل المنال، فقد أحكمت تلك الشركات حبكتها.
وعندها يبدأ يشتري ما يحتاجه وما لا يحتاجه ليجمع الأميال المطلوبة يفاجئ بعدم وجود مقاعد على أغلب رحلاتها وإن وجدت فالمقاعد محدودة جدا وإلى محطات أو وجهات محدودة جدا في أوقات محدودة جدا جدا، ببساطة بيع مقاعد خالية التي لا تباع فلا يستفيد منها وحتى وإن استفاد منها في الرحلات التي تختارها الشركة فإنه يظل في سجلات الرحلة الحلقة الأضعف (البطة السوداء) في منظومة الرحلة ممكن تلغى رحلته من أجل راكب آخر والسبب أنه من مستفيدي تلك الأميال وحتى إن حاول الترقية من درجة الضيافة المدفوعة نقدا وبأغلى سعر لها إلى درجة الأعمال فيسعون لتشليحه بأكبر عدد من الأميال أكثر من عدد الأميال المطلوبة لدرجة الضيافة وأخيرا وليس آخر يضيق الخناق عليه بممارسي التنمر عليه بأن تقتصر الترقية على المقعد فقط ولا علاقة لها بعدد أو وزن الحقائب المسموح بها للمسافر ليدفع نقدا من جديد وكأنك يا بو زيد ما غزيت واستذكر قول الله تعالى جل جلاله {إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه} صدق الله العظيم.
لم أكن أن أشير إلى تلك الملاحظات وإن كانت قلة ولكنها ملاحظة في المثالين المشار إليهما أعلاه سواء في السلع أو تذاكر السفر وهذا مثال عليها وما تحتويه من التلاعب بالألفاظ (عروض المناسبات مستمرة خصم يصل إلى 70 في المائة على جميع الاصناف الفاخرة) فمن يستطيع تحديد الفاخر منها إلا التاجر فتكون لديه المرونة ليشمل ما يشاء ويخرج ما يشاء من مظلة الفاخرة.
والسؤال الذي يفرض نفسه بالنسبة لأميال الغفلة وسفر الحالمين من هي الجهة المنوط بها الرقابة على هذه الجهات وكبح جماحها إن وجد هل هو البنك المركزي السعودي (ساما) أو وزارة النقل والخدمات اللوجستية أم أن الأمر تائه بينهما.