عثمان بن حمد أباالخيل
في عالم الطب هناك أجهزة دقيقة وحساسة في قراءة ما يحدث داخل أجسامنا من تغيرات تعطي للطبيب المعالج القدرة على اتخاذ القرار المناسب في العلاج المناسب لكل حالة. من تلك الأجهزة قياس ضغط الدم الذي يتم أخذه بواسطة جهاز محمول يقوم بإجراء قياسات متعددة لضغط الدم طوال 24 ساعة، يمكن أن توفر معلومات أفضل بكثير حول حقيقة مقدار ضغط الدم في الجسم ومدى الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، كذلك جهاز الضغط الهوائي الإيجابي المستمر لقياس تضيق التنفس الذي يؤدي إلى الشخير إضافة إلى مجس صغير الحجم والمقاوم للماء2 يرتدى على الجزء الخلفي من أعلى الذراع لقياس نظام مراقبة نسبة الجلوكوز في الدم. وهناك أجهزة كثيرة كما ذكرت في عالم الطب. ماذا عن قياس مشاعر الآخرين نحوك؟ هل هناك جهاز أو مجس يستطيع فعل ذلك؟ إن وجد وأتمنى أن يوجد من قبل علماء وأطباء النفس هذا الكاشف للمشاعر الإنسانية سيكون صدمة قوية، صدمة تباعد بين الناس، صدمة أسميها صدمة التعري من التمثيل، صدمة لا يتحملها أصحاب القلوب البيضاء الطاهرة النقية. الوالدان هما من سيؤكد الكاشف أنهما لا يمثلان ومشاعرهما محيطا وليست بحرا من المشاعر، أما سواهما وهم قلة في عالمنا اليوم، فهم يمثلون مشاعرهم المحاطة بالمصلحة. حقا الحياة مسرح ونحن الممثلون، فمنا من يحسن إتقان الدور ومنا من هو فاشل في مدرسة الحياة لكنه ناجح في العبث بالمشاعر الإنسانية. حتما الكثير من الناس لا يتمنون هذا الكاشف أن يكون حقيقيا لكنه افتراضي لأنه سيقضي على أهدافهم وعلى اختلافها. (لا أحد يشبه أحدا، حتى في الإحساس، فهناك من يسلم باليد، وهناك من يسلم بالروح).
المشاعر والعواطف تنبع من المخ وليس القلب كما نتوهم دائما، فالقلب وظيفته محددة بضخ الدم للجسم كله، ولكن المخ هو الذي يحتوي على مراكز الإحساس المختلفة مثل الخوف والحب وغيرهما من المشاعر. الحياة ليست كلمات منمقة أو مشاعر مزيفة، الحياة قيم إنسانية، ومشاعر صادقة. الحياة تعطي الاستقرار والحب والتعايش لكافة أفراد المجتمع فلا تدمروها بالأقنعة المزيفة والمشاعر المزيفة. الناس يغيرون وجوههم في كل يوم لتستقيم حياتهم ولا يتعثرون ويلبسون الأقنعة التي تزين وجوههم من هو السبب أهي الحياة أم الإنسان؟ لا شك الحياة لا تتغير، فالناس هم الذين يتلونون ويسعون لقضاء حاجاتهم بوجوه مختلفة منها الوجوه المبتسمة والوجوه العابسة والوجوه الحزينة والأخرى التي لا طعم لها. جهاز قراءة المشاعر حتما سوف يفرق بين الناس، لست متشائما لكنني أسلط الضوء على أغلبية الناس الذين يحيطون بكم وهذا هو الواقع المر الذي لا نستطيع الهروب منه. رسالة للمصدومين من الواقع: ليس من السهل تجاوز صدمة الواقع، لكن من السهل التخفيف من آثارها.
حمي الله الجميع من صدمات واقع الحياة.