سمر المقرن
ليس هناك إنسان على سطح الكرة الأرضية يخلو من الوجع، لأن وجودنا في الحياة ذاته هو تجربة إنسانية تجمع بين «المريح» و»المؤلم»، فليس هناك حلو على الدوام ولا سيء طويلاً، فالدنيا والحياة ساعة وساعة وكل منّا يحمل ألمه بداخله ويتعايش مع نقصه فتكمل حياته بالرضا، فليس هناك كمال إلا للخالق سبحانه وتعالى.
وما يفقده الإنسان لم يكن له ولا الخير فيه. ولا يجب أن ينبهر الإنسان بالمظاهر فمن يتألم من العذاب فهو في امتحان مع الحياة، ومن لا يخرج من دخان لا يعنى أنه لا يعيش مرارة الاحتراق، ولا من تزوج سعيد ولا من عاش عازباً بالضرورة معذباً، ولا من يعيش بمعصية سعيداً بها ولا من يحيا بطاعته يضمن استمرارها، فما أسرع تقلب القلوب! ولا كثرة المال خيراً يدوم ولا قلة المال شراً يستمر، وهكذا.
فبعضهم يرى أن السعادة والكمال في المال، ولكن ليس دائما فهو لا يضمن الحماية الدائمة من التعاسة، والنماذج لدينا عديدة حول العالم مثل الملياردير السويدي (ماركوس بيرسون) مصمم العاب الفيديو السعيد في المال الخائب في الحب والزواج، حتى أنهم لقبوه بالملياردير التعيس، إلا أنه تزوج ولم يدم زواجه سوى بضعة أشهر عاش بعدها تعيساً وحيداً لم تُفلح معها رحلاته حول العالم في تضميد جراحه وأحزانه، فذكر ذات مرة أنه يتمنى لو كان فقيراً على أن ينجح في الحب والزواج!
نموذج آخر، مقدم البرامج الأشهر لاري كينغ، فشل في ابعاد الموت عن زوجته بعد زواج استمر لأكثر من 32 عاماً واصيبت بالمرض فغادرت الحياة وتركت خلفها 6 اطفال وتركته وحيدا مع دموعه!
والملياردير الألماني ادولف ميركل صاحب الـ120 شركة أصيب باليأس والاحباط برغم المليارات التي يمتلكها فانتهى به الأمر إلى الانتحار تحت عجلات قطار!
وهكذا تعددت النماذج التي تؤكد أن لكل انسان وجعاً لا يعلمه إلا هو مدفون بداخله. فهناك من فقد حبه وهناك من فقد صحته ومن فقد راحة باله ومن فقد وظيفته ومن فقد المال ومن فقد البنون، وبقدر الوجع يتعلم الانسان، ويتجاوز اختبارات الحياة بنجاح يرتقي بروحه إلى حالة السلام.
ولعل الخير يكمن في الشر، فالزمن يمر ويمضي، وتتبدل الاحوال فإخوة يوسف الذين ألقوه في البئر هم أنفسهم من قالوا له فتصدَّق علينا. الايام تمر والضربة التي لا يموت الإنسان منها تقويّه، فيتغلب على وجعه وألمه. والحياة حرب تُتلف أرضاً وتُصلح أخرى ليظل الإنسان يعيش دون كمال!