د. محمد بن أحمد غروي
أصدرت الهيئة العامة للإحصاء، نشرة سوق العمل للربع الثاني من عام 2024، التي تضمنت مؤشرات إيجابية تاريخية تعكس التحولات الكبيرة التي يشهدها سوق عملنا الوطني، التي تُظهر التحسن المستمر في معدلات البطالة والإجراءات الفعالة التي تقودها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
تُشكل النشرة نقطة تحول مهمة، وخاصة فيما يتعلق بانخفاض معدل البطالة بين السعوديات، وتوسع فرص العمل للكوادر الوطنية في جميع القطاعات.
أبرز ما أظهرته النشرة، انخفاض معدل البطالة الإجمالي للسكان إلى 3.3 %، وهو الأدنى في تاريخ المملكة، مقارنة بالربع الأول الذي سجل 3.5 %، ويُمثل ذلك إنجازًا كبيرًا يعكس الاتجاه الإيجابي لسوق العمل السعودي.
يتجلى هذا التوجه الإيجابي بشكل أكبر في فئة الذكور السعوديين الذين انخفضت نسبة بطالتهم إلى 4 %، بينما انخفض معدل البطالة بين السعوديات إلى 12.8 %، وتعكس هذه الأرقام التحسن الملحوظ في تمكين المرأة السعودية من المشاركة بشكل أكبر في سوق العمل، وهي نتيجة مباشرة للجهود الحكومية الدؤوبة لدعم هذه الفئة الحيوية من المجتمع.
إن انخفاض معدل البطالة بين السعوديات إلى 12.8 % هو إنجاز غير مسبوق، لا سيما في ظل الانخفاض الكبير الذي سجلته هذه الفئة خلال الربع الثاني من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وهذا تأكيد على نجاح السياسات التي اتبعتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل، التي شهدت في السنوات الأخيرة تعزيزًا واضحًا لتمكينها، بما في ذلك تسهيل الوصول إلى وظائف نوعية في قطاعات جديدة ومختلفة، ويرتبط هذا التحسن بالتزام الحكومة بتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، وسعيها إلى رفع مشاركتها في سوق العمل إلى مستويات غير مسبوقة، ويعني هذا بصريح العبارة نجاحَا مؤسساتيًا في توفير بيئة عمل داعمة وجاذبة للسعوديات.
على صعيد آخر، سجلت البطالة بين الذكور السعوديين انخفاضًا ملحوظًا إلى 4 % في الربع الثاني من عام 2024، وهو مستوى تاريخي يعكس التحسن الكبير في هذا المجال، مما يعزز التوجه الإيجابي العام لسوق العمل، وقدرة الاقتصاد السعودي على استيعاب القوى العاملة الوطنية الذكورية بشكل أكبر، مدفوعًا بالبرامج الحكومية الهادفة لتوطين الوظائف وتحفيز الشباب على الدخول في مجالات العمل الجديدة التي أتاحتها التحولات الاقتصادية في بلادنا.
لا يمكن الحديث عن هذه النجاحات دون الإشادة بالجهود التي تبذلها وزارة الموارد البشرية، التي لعبت دورًا محوريًا في تحقيق هذه النتائج الإيجابية، فمن خلال برامج التوطين ودعم الكوادر الوطنية، إضافة إلى المبادرات الموجهة لتمكين المرأة وتطوير بيئة العمل، استطاعت هذه العوامل مجتمعة في تحقيق قفزات نوعية بسوق العمل.
وبالرغم من التحديات التي يواجهها سوق العمل العالمي، تمكنت المملكة من تحقيق نتائج مذهلة في مسار توطين الوظائف ورفع كفاءة سوق العمل، ومع استمرار الجهود الحكومية وتحفيز القطاع الخاص، يبدو المستقبل واعدًا لتحقيق المزيد من التحسن في مؤشرات البطالة والمشاركة في القوى العاملة.
إن هذه المؤشرات تؤكد أن المملكة تمضي قدمًا نحو تحقيق أهدافها التنموية، مستفيدة من رؤية شاملة تهدف إلى بناء اقتصاد قوي يعتمد بشكل أساسي على كوادر وطنية مؤهلة، ويعزز من دور النساء في مختلف القطاعات.