سيف منور الربيعات السردية
شكلت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها الأولى على يد المؤسس الملك عبدالعزيز مصدراً للإثارة والسحر والغموض والإلهام، مما حث الكثير من المستشرقين الغربيين على القدوم إلى صحاريها الواسعة ومدنها الزاخرة لاكتشاف هذه الكنوز الدفينة وهذه الشعوب العربية الأصيلة التي بقيت على حالها منذ فجر التاريخ، لم تلوثها أو تختلط معها دماء أخرى، فبقيت نقية عربية خالصة، فكان الكثير من الرحالة الغربيين من سويسرا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا يأتون إليها من بعض الذين يحبون الاستشراق، حيث أغنوا المكتبة العالمية بكتبهم القيمة عما وجدوه في جزيرة العرب، وكان أشهر هؤلاء فيلبي الذي أطلق على نفسه اسم عبدالله وأحب العروبة والإسلام، والألماني أوبنهايم وغيرهما الكثير.
إن ما كتبه الرحالة من معلومات وعادات وتقاليد وتضاريس عن هذه المنطقة، تعد كنزاً للباحثين، إلا أن القارئ اليوم يبحث عن كل ما هو سهل ويسير مع ازدياد سيطرة وسائل الإعلام الحديثة والتواصل الاجتماعي وغيرهما، فجاءت حقبة الملك سلمان والأمير محمد ولي العهد متوافقة مع هذه الثورة الإعلامية الهائلة، لفتح بلاد العرب الجزيرة العربية أمام الباحثين عن سحر المكان وجودة الحياة ورفاهية المجتمع، فأصبح بمقدور الناس زيارة المملكة بطرق سهلة وتأشيرات ميسرة، وإمكانات متاحة لمن يرغب، وهذه توافقت مع رؤية 2030 التي نقلت المملكة من دولة يحيط بها الغموض إلى دولة ساحرة يتجلى بها الوضوح.
هذه البلاد التي ما أن تطأ قدمك أرضها إلا وتشعر بالبهجة، وتحس بأنك تعرفها من قبل، فالناس يشبهون أهلك، والملابس كأنها لقبيلتك، والروح فياضة كريمة تجعل الزائر سواء كان قادما لممارسة الشعائر الدينية أو للسياحة أو الترفيه أو الآثار، يشعر وكأنه لم يغادر وطنه، فقد حدثني أحدهم بأنه بعد أن زار المملكة العربية السعودية قال لي الآن أصبح لي وطنان، وطني الأصلي الذي ولدت فيه الأردن، والسعودية، هذه المشاعر التي ينقلها الزائرون إلى بلاد الحرمين لا تقدر بثمن، لأنها نقية صادقة لا تحتاج إلى دعاية سياحية، ولا ينقلها ترويج إعلامي، إنها الخبرة الطبيعية للشعوب التي تشعر بها في رحاب الأراضي المقدسة.
نتمنى للمملكة العربية السعودية الخير والنماء، والتي تحتضن في ربوعها قبر المصطفى والصحابة والتابعين بإحسان إلى يوم الدين..
والله من وراء القصد..