محمد بن عيسى الكنعان
على مدار عشرة أيام أقيم معرض الرياض الدولي للكتاب لعام 2024م، تحت شعار: (الرياض تقرأ)، فتمكنت - بفضل الله ومنته - من زيارة المعرض ست مرات، أربع منها بمفردي، ومرتين برفقتي ابنتي الغالية فاطمة، فهي دون كل أولادي أخذت مني حب القراءة وإن كانت مقتصرة على الروايات الأجنبية.
أقيم المعرض في محيط جامعة الملك سعود، وكأنه يجمع بين عراقة الجامعة، وأهمية القراءة، وقيمة المعرفة. وكوني ممن تيسر له زيارة المعرض عدة مرات فأعتقد - زاعمًا - أن ملاحظاتي ومشاهداتي وتعليقاتي ستكون موضوعية ومنصفة.
بلا مجاملة؛ معرض الرياض الدولي للكتاب يتطور بشكل كبير وواضح كما هو الحال بالنسبة للمدينة –الرياض - التي تحتضنه، فعلى مستوى حجم المشاركة، فقد شارك أكثر من 2000 دار نشر ووكالة، توزعت على 800 جناح، تعكس حضورًا دوليًا لافتًا لأكثر من 30 دولة، إلى جانب دولة قطر ضيف الشرف لهذه الدورة.
أما الفعاليات المصاحبة وتحديدًا البرنامج الثقافي فقد كان حافلًا بالندوات الحوارية، والأمسيات الشعرية، والجلسات النقاشية، وورش العمل. أما التنظيم فالحقيقة أنه يتحسن بشكل واضح مع كل دورة، سواءً بالحركة المرورية السلسة ومواقف سيارات الزوار خارج المعرض، أو دخول الزوار وخروجهم، أو التوزيع الداخلي للمعرض، أو الدعم الإسنادي من قبل أبنائنا وبناتنا السعوديين الذين يستقبلونك بكل ترحاب، أو تجدهم في أرجاء المعرض، أو خارجه، مقدمين كل أشكال المساعدة بنفس كريمة ولسان طيب؛ لهذا تجد حجم الحضور كبيرًا من قبل الزوار، الذين تدفقوا على المعرض خلال أيامه العشرة، خاصةً أن الحلول الرقمية المطبقة لدى التسجيل المجاني لدخول المعرض أو عمليات الشراء قد أسهمت كثيرًا في استمتاع الزائر برحلة التنقل بين أجنحة المعرض. ناهيك عن الخدمات المقدمة كالمقاهي، والجلسات الخاصة بالقراءة، والمصليات، وشاشات الخدمة المعلوماتية، والعربات، وغيرها مما لا يمكن حصره بهذا الحيز، إنما يمكن لها أن تعكس أن هناك جهدًا ضخمًا، وعملًا مُتقنًا قد بذله القائمون على تنظيم هذه التظاهرة الثقافية والحدث الحضاري الذي - لا شك أنه - يعكس مكانة المملكة في مثل هذه الفعاليات الدولية.
ومع هذه الإيجابيات التي حققها المعرض، لابد من الإشارة إلى مسألة مهمة بالنسبة لزوار المعرض، وهي أسعار الكتب، التي تبدو مرتفعة بالنسبة للكثيرين، وهذه بتقديري - وقد أكون مخطئًا - ليست على الإطلاق! بمعنى أن السعر متفاوت وفقًا لموضوع الكتاب، وللجهد المبذول من قبل الكاتب، وتوقيت صدوره، وأحيانًا قلة النسخ أو ندرة الكتاب، فعلى سبيل المثال؛ تجد أن أسعار الكتب المترجمة إلى العربية عالية، وهذا طبيعي فهناك (مؤلف ومترجم وناشر)، وكذلك الحال بالنسبة للكتب النادرة، أو حديثة الصدور أي لم تُعرض سابقًا، أو تلك التي تكون نتاج بحوث ودراسات رصينة. بينما التي صدرت قبل سنوات، أو عُرضت في أكثر من معرض كتاب عربي فتأتي أسعارها معقولة، أما أقل الأسعار فهي الكتب الدينية وإن كانت حديثة الصدور. ناهيك عن أن هناك خصما جيدا على مستوى كل المعرض.
يبقى أن أتقدم بالتهنئة الخاصة والصادقة لوزارة الثقافة - ممثلةً بهيئة الأدب والنشر والترجمة - على نجاح معرض الرياض الدولي للكتاب، مع جزيل الشكر والامتنان على جهودهم التي أثمرت هذا الحدث الكبير، فكل نجاح يُسجل لهذا الوطن العزيز بقيادته والنبيل بشعبه الأصيل، متطلعين إلى دورة المعرض المقبلة راجيًا أن تكون بنهاية أكتوبر 2025م حيث الأجواء المعتدلة، فقد غدا معرض الرياض الدولي للكتاب أيقونة المعارض العربية للكتاب بحجمه وشهرته وتميزه. كما لا يفوتني أن اشكر كل واحد من أبنائنا وبناتنا السعوديين الذين كانوا عوامل حقيقية لنجاح المعرض، سواءً داخله بتعامل الراقي ولطفهم، أو خارجه بروحهم الطيبة وتفانيهم بالتنظيم وهم تحت أشعة الشمس.