هناء الحمراني
إلى جانب اهتمام المملكة العربية السعودية بتطوير إمكانات مواطنيها في مجال الذكاء الاصطناعي، اهتمت أيضا بتوظيف تطبيقاته في مختلف القطاعات الحيوية، بما فيها قطاع التعليم. ولأجل ذلك تم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين وزارة التعليم والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» وهيئة تقويم التعليم والتدريب والمركز الوطني للمناهج لإنشاء مركز تميز للذكاء الاصطناعي في التعليم، بهدف الاستفادة من نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الوطني «علام» لدعم العملية التعليمية في جميع مراحلها. وتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات التعليم المختلفة، بما في ذلك البحوث والتدريس والتعلم، وذلك لرفع كفاءة العملية التعليمية وتحسين جودتها.
وكخطوة أولى لإنشاء المركز وفي ضوء ما تم الاتفاق عليه في مذكرة التفاهم فإن الجهات الأربع ستعمل على وضع أطر التعاون الخاصة بإنشاء المركز وحوكمته، وأطر لتحقيق الاستفادة من تطبيق «علام»، ووضع إطار عام لمجالات التعاون ومن ضمنها: تقديم دراسة حول إنشاء المركز لدعم العملية التعليمية، المتمثلة في تفعيل تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويرها في مجالات التقويم والقياس وجودة التعليم الوطنية. وتفعيل «علام» وتخصيصه وتطبيقه في مجال التعليم، ليصبح نموذج (علام التعليم) الذي يعد نسخة مطورة من نموذج «علام».
وتعد هذه الخطوة داعمة للأهداف الاستراتيجية الوطنية التي تؤكد ضرورة توظيف الذكاء الاصطناعي، فضلا عن وجود مرجعية وطنية تعود إليها مختلف الجهات في حوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، وأخلاقيات استخدامه، وسبل استخدامه.
والحق أن مثل هذا المشروع الضخم والريادي يتطلب تكاتف الجهات المعنية، وتحديد الأدوار المحورية لكل جهة، بالتكامل مع الجهات الأخرى المستفيدة من هذا المركز، والمتأثرة بقرارته وتنظيماته، ومن هذه الجهات المعهد الوطني للتطوير المهني التعليمي، الذي سيكون دوره مهما في تطوير مهارات المعلمين لبناء واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم، من خلال برامج تدريبية تشاركية مع «سدايا»، والمركز الوطني للتعليم الإلكتروني. ومن الجهات كذلك الجامعات والمدارس التي تندرج تحت مظلة وزارة التعليم لأنها الجهات التي ستنفذ ما سيقدمه المركز من سياسات وإجراءات.
كما يتطلب دراسة متأنية لكافة المبادرات والاتفاقيات ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي في مختلف الجهات، لتحديد التقاطعات والتكاملات بينها، مما يمنع الازدواجية، ويدعم الإنجاز، وتقليل التكلفة، وحفظ الجهود، وضمان الاستدامة.
وبالرغم من أن المركز قام بتوقيع معاهدته في النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، إلا أن المملكة العربية السعودية قد قطعت شوطا كبيرا في توظيف الذكاء الاصطناعي من أجل التعليم، والاستفادة من النماذج اللغوية المتقدمة من أجل البحث العلمي، وتقديم الدورات التدريبية الداعمة، ووجود جهود منظمة من الأفراد والجمعيات والجامعات. كل ذلك يمكن أن يتم تضمينه تحت مظلة مركز التميز، بحصر كافة الجهود المبذولة، والاستفادة منها، ومن خبرات القائمين عليها، للبدء من حيث انتهينا، والانطلاق بخطى سريعة قائمة على الكفاءات والخبرات الوطنية المميزة. وإني لآمل أن يكون للمركز دوره الريادي في إصدار أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في البحث العلمي، مستفيدين من تجارب الخبراء الذين وظفوا هذه التقنية ودربوا طلابهم على استخدامها، وأدركوا إمكاناتها، وحدودها، والفرص التي تقدمها، والتحديات التي تواجهها، والمخاطر التي قد تتسبب بها.