سلمان بن محمد العُمري
لست بصدد الحديث عن تفاصيل الحكم الشرعي للتدخين وحرمته ومضاره الكثيرة، ولا عن الرأي الطبي في التدخين ومخاطره الصحية التي تسبب عواقب وخيمة، ولا عن ضرره اقتصادياً.
فعلماء الشريعة بينوا ذلك وفق الأدلة من الكتاب والسنة، والأطباء من خلال أبحاثهم ودراساتهم العلمية التي أظهروها بأن أكثر من 25 مرضاً تشمل الرجال والنساء والأطفال على حد سواء يسببها التدخين والمعايشين لهم، بل وحتى الحمل في الأرحام للمدخنات.
وعلى الرغم من التوجيهات الشرعية والمخاطر الصحية والاجتماعية والاقتصادية «للتدخين» بكافة أشكاله وأنواعه، وعلى الرغم من البرامج التوعوية التي قامت بها الجهات المختصة تجاه تلك الظاهرة التي شملت الذكور والإناث كباراً وصغاراً، إلا أن تعاطى التدخين آخذ في الزيادة، ولاشك أن هناك أسباب كثيرة وراء تفاقم الظاهرة، حيث يراه البعض من الشباب والفتيات رقي وحضارة، في حين يراه آخرون «برستيج»، لذوي العقول القاصرة.
لقد كتبت وكتب غيري عددا من المقالات والدراسات والأبحاث عن «التدخين»، ومنها: دراسة علمية عن: «ظاهرة التدخين في المجتمع السعودي»، ودراسة بحثية أخرى بعنوان: «آفة التدخين بين الطب والدين»، وقد خرجت تلك الدراسات بتوصيات مهمة أرى من الأهمية الاستئناس والأخذ بها كغيرها من الدراسات المعمولة عن تلك الظاهرة المؤرقة.
الدولة -أيدها الله- اتخذت إجراءات وتعليمات صارمة تجاه التدخين، ولست بصدد عن تعدادها وتناولها في هذه الزاوية، ومنها منع التدخين في قطاعات الدولة عموماً، ولكن مما هو ملاحظ ويندى له الجبين ظاهرة التدخين وبشكل كبير في مواقف السيارات بالقطاعات الحكومية والخاصة، بل وفي المستشفيات الحكومية والخاصة تحديداً، ولا ننسى مواقف السيارات في الأقبية الخاصة بالمولات والأسواق، وبعض المعلمين عند أبواب المدرسة أمام أنظار الطلاب..!
المصيبة حينما يمارس بعض الأطباء التدخين ومعهم بعض العاملين في الحقل الصحي، والجهاز الفني والإداري، إضافة إلى بعض منسوبي الأمن والسلامة في تلك القطاعات، وبعض المراجعين لتلك القطاعات حتى أنك عند دخولك لأحد المواقف في الأدوار السفلية أمام بركان من الدخان !!
في مواقف السيارات حيث انعدام التهوية في بعضها، ووجود المواد سريعة الاشتعال كالبنزين وغيره، فماذا تتوقعون أن يحدث مع اشتعال السيجارات ورمي أعقابها بين السيارات، والروائح النتنة تعج في المكان، ناهيك عن انعدام بعض وسائل السلامة كطفايات الحريق، وأبواب طوق النجاة، وحري بقطاعات الدفاع المدني أن تقوم بجولات مستمرة لرصد المخالفات، وأن تبادر بنفس الوقت وزارة الصحة بمتابعة الأمر فيما يتعلق بقطاعها لأن التعاميم لا تثمر بدون رقابة ومتابعة.
التدخين آفة خطيرة جداً، وبداية للدخول في عالم المخدرات، ولا بد من تكثيف البرامج التوعوية التثقيفية في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بطرق وأساليب جديدة متعددة؛ فالخطر قائم وبازدياد، ومضاره كثيرة، وتكلفة علاجه باهظة الثمن.
البيئة جاذبة والصاحب ساحب، وأول خطوات اجتناب هذا الداء لمن لم يقع فيه الابتعاد عن مجالس المدخنين والمشيشين، وكذلك الحال لمن ابتلي به فأول خطوات العلاج والإقلاع الابتعاد عن مجالس التدخين، وإذا توافرت العزيمة والإرادة فستكون الخطوات سهلة في ترك هذه الآفة والابتعاد عن كل الأمراض والآفات والآثار السلبية.