تغريد إبراهيم الطاسان
في ظل تنامي الدور السعودي اقليمياً ودولياً، وفي خطوة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بالعمل الدولي متعدد الأطراف وتوجهاتها نحو المستقبل، أعرب مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة عن تطلعاته الكبيرة تجاه «ميثاق المستقبل» الذي أقرته قمة الأمم المتحدة الأخيرة في اجتماعها الرئيسي.
المملكة ترى في هذا الميثاق فرصة غير مسبوقة لتحقيق تحول نوعي في النظام الدولي، بما يسهم في تعزيز أسس العدالة والإنصاف بين الدول، ويحفز العالم على الإسراع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويأتي هذا التطلع في إطار رؤية المملكة للتعاون الدولي كركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والازدهار على الصعيدين الإقليمي والدولي من اجل نظام دولي عادل ومنصف،
حيث إن «ميثاق المستقبل» يمثل فرصة ثمينة لإعادة تشكيل النظام الدولي بطريقة تعزز العدالة والإنصاف والموضوعية. كما يأتي ذلك في سياق تصاعد التحديات العالمية التي تتطلب تضافر الجهود الدولية أكثر من أي وقت مضى، فالمملكة تؤمن بأن النظام الدولي الحالي بحاجة إلى تحديث ليكون أكثر تكافؤًا ومصداقية بين المؤسسات والشعوب ذات العلاقة، ويستجيب بشكل أفضل لاحتياجات جميع الدول، خاصةً تلك الناشئة التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى، مما يتسبب لها في واقع يبتعد بها عن الخطط التنموية وتغرق في مشاكل لا طائل منها..!
يتماشى هذا الموقف من الميثاق مع المبادئ التي تتبناها المملكة، التي لطالما دعت إلى تعزيز العدالة الدولية وتكافؤ الفرص بين الدول.
التحولات الاقتصادية والسياسية الكبيرة التي يشهدها العالم، من تغييرات مناخية إلى أزمات اقتصادية وتحولات فكرية وتطور علمي، تتطلب إعادة التفكير في كيفية تنظيم العلاقات الدولية على نحو يعزز التنمية المستدامة ويحقق مصالح الجميع دون استثناء.
في إطار هذا التوجه، ترتكز الرؤية والمنهج السعودي الدولي، على أهمية دعم الاقتصادات الناشئة كجزء أساسي من ميثاق المستقبل، لأن المملكة تعتقد أن هذه الاقتصادات تلعب دورًا حيويًا في تعزيز استقرار النظام المالي العالمي. كما أن الدول الناشئة بحاجة إلى بيئة دولية تدعم نموها وتساعدها على تجاوز التحديات، سواء كانت مرتبطة بالتمويل أو التكنولوجيا أو الطاقة.
وكعادتها المملكة ومن خلال حس المسؤولية الذي تتمتع به في تفاعلها مع الدول والهيئات ذات الحاجة، تعمل باستمرار على تشجيع هذه الدول والمؤسسات على الانخراط بشكل أكبر في الاقتصاد العالمي، وتوفير الفرص التي تتيح لها الإسهام بفعالية في النظام المالي العالمي.
ومن بين المحاور المهمة التي أبرزتها المملكة في تفاعلها مع الميثاق الأممي، تأتي مسألة ردم الفجوة الرقمية بين الدول، في عالم يزداد اعتمادًا على التكنولوجيا، حيث تُعد الفجوة الرقمية إحدى العوائق الكبرى أمام تحقيق التنمية المستدامة في العديد من الدول النامية.
المملكة ترى في «ميثاق المستقبل» فرصة لتشجيع التعاون الدولي من أجل توفير التكنولوجيا والبنية التحتية الرقمية لجميع الدول، بما يسهم في تعزيز قدرتها على مواكبة التحولات الرقمية وتحقيق استفادة كاملة من الاقتصاد الرقمي.
وكأحد أبرز النقاط التي سلط الضوء عليها هو الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه «ميثاق المستقبل» في تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة. هذه الأهداف، التي وضعتها الأمم المتحدة عام 2015، تُعد خطة عالمية لتحسين أوضاع البشر وحماية البيئة بحلول عام 2030. المملكة، بدورها، تُعتبر من الدول الرائدة في دعم هذه الأهداف، وتسعى دائمًا إلى تنفيذ برامج ومبادرات تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة داخل حدودها وخارجها.
ختامًا، يُعبر تطلع المملكة إلى «ميثاق المستقبل» عن إيمانها بأهمية العمل الجماعي الدولي في مواجهة التحديات العالمية. ورأينا كيف أن مجلس الوزراء السعودي وضع هذا الميثاق في سياق أوسع يهدف إلى تحقيق نظام دولي أكثر عدالة وإنصافًا، يدعم الاقتصادات الناشئة ويردم الفجوة الرقمية، ويسرع من تحقيق أهداف التنمية المستدامة. المملكة، بتوجهاتها الاستراتيجية، تسعى دائمًا إلى بناء مستقبل مشترك يعزز الاستقرار والازدهار للجميع.
كلنا أمل ان تقوم هيئة الأمم المتحدة بأدوارها الدولية وفق منهج يضفي على الشعوب حياة ورفاهية تساعده على بناء المجتمعات وتحقيق المنشود منها وفق برامج وآليات مواكبة للمتغيرات وتتجاوز التحديات لصناعة منجز حضاري يليق بالمجتمع المحلي والدولي.