د. محمد عبدالله الخازم
تنظم جامعة الأميرة نورة خلال الأيام القادمة «الملتقى السعودي الأول للدراسات العليا: مستقبل الدراسات العليا في ضوء رؤية 2030» وفق أهداف تناقش قضايا وتحديات الدراسات العليا في الجامعات السعودية.
تأتي أهمية الملتقى كونه يعنى بشريحة واسعة من ذوي العلاقة، ينتمون وفق التقديرات إلى قرابة ألف برنامج في مختلف الجامعات السعودية. هي تقديرات، حيث وجدناها تصل إلى مائة برنامج في الجامعات الكبرى وتنخفض إلى عدة برامج في جامعات أخرى. ربما نعلم الرقم الحقيقي للبرامج ونوعيتها وأعداد المنتسبين إليها من مسؤولي وزارة التعليم والباحثين عندما يحاضرون في الملتقى المشار إليه أعلاه!
بعيداً عن مكونات الملتقى، أكتب هنا عن الدراسات العليا وفق الفئة ذات العلاقة. إذا لبسنا قبعة طلاب الدراسات العليا، نجد معاناتهم في وضوح الأنظمة، جودة البرامج، تعامل وآليات تواصل الأساتذة المشرفين، التمويل البحثي، الرسوم الدراسية، التأقلم والتفاعل، أثر المخرجات في حياة الفرد ومعرفته وثقافته وتحسين فرصه الوظيفية.
طلاب وطالبات الدراسات العليا في الجامعات السعودية أعرف بهمومهم والصعوبات التي تواجههم، لذا نحتاج سماع صوتهم. هناك طلاب دراسات عليا لديهم معاناتهم، وقد يلجأون إلى الجهات العليا في الجامعة أو خارجها بحثاً عن حلها. ننصحهم بالتفاهم مع أساتذتهم/ اقسامهم، لكنهم لا يرونها نصيحة فعالة أو مقنعة دائماً، لاحتمال التحيزات مع الأستاذ/ القسم وخوفاً من تأثير ذلك على بقية المشوار الدراسي.
لذا، ارجو أن يكون هناك مرجعية مستقلة تمتلك الدعم الكاف، جمعية مثلاً، لخدمة طلاب الدراسات العليا ويكون ضمن مهامها الدفاع القانوني (المجاني إن أمكن) عن قضاياهم والمساعدة في حل مشاكلهم مع جامعاتهم وأساتذتهم.
القبعة الثانية تتمثل في الجامعات/ الكليات أو الجهات المنفذة لبرامج الدراسات العليا، ويبدو أن أبرز صعوباتها تتمثل في توافر التمويل اللازم للدراسات العليا وبحوثها العلمية، واستقطاب طلاب الدراسات العليا المحليين والدوليين، ولا سيما انها ذات علاقة بالتصنيفات العالمية وتعتبر نافذة مهمة نحو التطوير والابتكار والاختراع وحل المشاكل. هناك صعوبات إدارية داخل كل جامعة تتمثل في ضبط سلوكيات الأساتذة والتزامهم بأدبيات ونظم الإشراف الدراسي على طلاب الدراسات العليا.
المناهج والخطط الدراسية ومدى جودتها ومؤامتها لاحتياجات طالب الدراسات العليا وجهات العمل، هم آخر يشغل مسؤولي الجامعات.
نعلم أن الأنظمة الأكاديمية - كجزء من طبيعتها - فيها الكثير من المرونة، ومهما تجتهد الجامعات في تحسين أنظمتها وسلطتها يبقى الرهان الأول والدائم على جودة عضو هيئة التدريس والتزامه واحترامه لواجباته ومسؤولياته. وجود برنامج دراسات عليا متواضع يعني وجود أستاذ متواضع، والعكس صحيح!
هناك الأسئلة والتوقعات الفردية والمجتمعية والإدارية حول الدراسات العليا، وما تخلقه أحيانا من صورة ذهنية إيجابية او سلبية. مثلاً، يتوقع البعض تحسن المستويات الوظيفية عقب الحصول على شهادة عليا، بينما يراها البعض شهادة معرفية لا علاقة لها بأنظمة سوق العمل. نفس الأمر يتعلق بمواءمة المخرجات مع متطلبات سوق العمل. أفضل وسيلة لإقناع المجتمع وجهات العمل بأهمية الدراسات العليا، هي جودة المخرجات وما تقدمه من إضافة نوعية للمجتمع وللعلم، بالذات في حل المشاكل التنموية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وغيرها.
باختصار، هموم الدراسات العليا تتفاوت حدتها - سلباً وإيجاباً - حسب التخصص والبرنامج والجامعة. طرحنا بعضها في هذه المساحة «نقطة ضوء» لتكون عرضة لنقاشات أعمق من قبل أهل الاختصاص والاهتمام. أقدر لجامعة الأميرة نورة مبادرتها في تنظيم الملتقى ولعله يكون بداية طريق لفتح ملفات الدراسات العليا في الجامعات السعودية والبحث في صعوباتها وآليات تطويرها وتحسينها.