م. بدر بن ناصر الحمدان
أحد المواثيق الدولية التي ساهمت في تعزيز الاهتمام بصون الأماكن التاريخية هو إعلان «كِيبيك» حول حفظ روح المكان، كان ذلك خلال اجتماع المجلس العالمي للمعالم والمواقع (إيكوموس) المنظمة الدولية التي تتولى حفظ وحماية واستخدام وتعزيز التراث الثقافي والذي عقد في مدينة «كِيبيك» التاريخية في كندا سبتمبر 2008، هذا الإعلان كان بمثابة ميثاق دولي للحفاظ على روح المكان من خلال حماية التراث المادي وغير المادي، والذي يعتبر وسيلة مبتكرة وفعَّالة للحفاظ على التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم.
يركز الإعلان على روح المكان الذي يعبّر عن النهج الديناميكي للعلاقة بين ثقافة الإنسان والمكان الذي يعيش فيه وفلسفة تعزيز كل منهما للآخر وفهم الاعتبارات الوجودية بينهما، إذ تبرهن التجربة البشرية أنه لا يمكن الحفاظ على الأماكن ذات البعد المعماري والعمراني دون ربطها بسياق أشكال التعبير الإنساني الذي شكل روح هذه الأماكن وساهم في تعزيز الذكريات والتقاليد والمعارف التي ارتبطت بها.
الحقيقة أن إعلان «كِيبيك» مثير للاهتمام، ومرجع دولي قيّم وثري، فهو يشجع على (إدراك المكان) بكل خصائصه الملموسة وغير الملموسة وقدَّم مبادئ توجيهية في غاية الأهمية حول منهجية حفظ روح المكان وحمايتها من الاندثار وانسلاخها من ذاكرة تلك الأماكن، ويحث الإعلان على فهم طبيعة التحول التي تطرأ على ثقافة الذاكرة المكانية ورصد تسلسلها التاريخي كونها متغيرة وغير ثابتة ومتواصلة التشكيل ولا يجب أن تكون مجرد تعابير ثابتة قد لا تعكس حجم الثراء الإنساني التي مرت به، ويؤكد على تأصيل فكرة أن الإنسان هو مصدر الارتباط الوجداني، وبدونه لا معنى لأي مكان مهما كانت قيمته.