د. عيد بن مسعود الجهني
كما أن برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية عد التدريب خيارا استراتيجيا في إعداد كوادر القطاع العام البشرية ليصبح في استطاعتها تلبية متطلبات العمل لما يمنحه التدريب للموظف من معلومات جديدة ومعارف تتطلبها المهنة التي يمارسها في جهته الإدارية مما يمنحه الفرصة في أداء مهام وظيفته بشكل وأداء أفضل.
وأكدت الرؤية على أن الصحة أساسية في التنمية البشرية، فهي تعد أولوية الأولويات، ومن يتمتعون بصحة جيدة لهم أهمية كبرى في بقاء ونمو المجتمعات، وتمتع الجميع بمستوى صحي ورفاهية في جميع مستويات الأعمار.
الرؤية تعمل على نقل الاقتصاد خلال زمنها إلى العالمية، وتحقيقا لهذا الهدف المهم فإن المشروعات التي سبق تشييدها خضعت لإعادة هيكلتها، وتمتد أهميتها إلى الحكومة. وهذه رؤى جديدة تحتضنها الرؤية.
ولا شك أن التاريخ سيسجل بأحرف من نور في بطون صفحاته الأمر الملكي رقم أ/38 وتاريخ 15-2-1439هـ الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود المتضمن مكافحة الفساد والمفسدين.
وتعد الرؤية العنصر البشري الخلاق هو أهم العناصر الثلاثة في الإدارة، فهو العقل المدبر والعنصر الفعال الذي به يدار عنصر الأدوات، وهو الذي يجلس في المكان المعد له يقرر القرارات ويصدر الأوامر أو ينفذها لتحقيق الغاية المطلوبة لراحة المواطنين وتحقيق الصالح العام، إنه العمود الفقري للتنمية المستدامة.
ولأن التخصيص يدعم مركز الدولة على المستوى الداخلي والدولي فهي تبقي دور الدولة كسلطة سياسية تراقب وتشرف على جميع الأنشطة الاقتصادية عموما وبإمكانها التدخل بشكل فاعل في ظل ما رسمته كإطار عام للنشاط الاقتصادي داخل الدولة، ومواجهة التغيرات السريعة التي تحدث في ساحة الاقتصاد العالمي، لهذا جعلتها الرؤية أحد أهدافها.
ولأن القطاع الخاص أحد أهم أدوات النمو الاقتصادي فهو يسهم في الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، فضلا عن الدور الذي يلعبه في سوق العمل وخلق الوظائف للجنسين، وله أثره الإيجابي في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، لذلك وضعته الرؤية من أولوياتها.
الحدائق العامة في دول العالم لها النصيب الأكبر من المساحات الخضراء ومعظمها يتضمن مسارات مخصصة للياقة البدنية وأخرى للمشي، بل إنها تتضمن مسارات مخصصة للدراجات ومقاعد للاستراحة وبحيرات وجداول مائية، لهذا فإن الرؤية تهدف إلى العمل على أن تصبح عاصمة الدولة خضراء لذلك ولأهمية المشروع فقد أطلق على اسمه (حديقة الملك سلمان).
والدرعية التي تعد رقما رئيسا في تاريخ بلادنا، أول عاصمة للدولة السعودية الأولى التي أسسها الإمام محمد بن سعود آل سعود 1138 - 1179 وهو رحمه الله الذي دعم دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قائلا له: (أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعز والتمكين والمنعة)، احتضنت الرؤية بوابتها عراقة التاريخ.
وتأتي بعض مشروعات الرؤية لتفتح الطريق أمام مستقبل مشرق ومنها حديقة الملك سلمان ومن هذه المشروعات الكبرى مشروع نيوم، ويسجل التاريخ يوم الثلاثاء الرابع من شهر صفر 1439هـ الموافق 24 أكتوبر 2017م إعلان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن هذا المشروع الذي يقع في شمال البلاد ويمتد بـ(400) كم على ساحل البحر الأحمر.
وليس بعيدا عن المشروع الكبير العابر للحدود (نيوم) تتزين الرؤية في مظلتها بمشروع البحر الأحمر، هذا المشروع المتطور صاحب الكنوز التاريخية الذي سيصبح الأول من نوعه في الشرق الأوسط من حيث تكامله بين المنتجع الترفيهي ومتعدد الاستعمالات، وتبلغ تكلفة المشروعين وحدهما تريليون دولار، إنه رقم فلكي يحط رحاله على أرض بلادنا صنعته الرؤية التاريخية.
ويكتمل عقد بعض المشروعات الكبرى بمشروع القدية الذي من ضمن أسباب إنشائه تنويع مصادر الدخل بالنسبة للدول ضرورة وليس ترفا، وهذا في مقدمة أهداف الرؤية، ومشروع مدينة القدية الترفيهية أحد مشروعات الرؤية السياحية الضخمة، هذا المشروع متعدد الغايات والأهداف، نظرا لأهميته الكبرى أقيمت مراسم وضع حجر أساسه بتاريخ 28 أبريل 2018 بحضور ورعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
ولصنع سياسة مالية استثمارية طموحة طبقا للرؤية سيصبح صندوق الاستثمارات العامة الذي يتولى تمويل معظم المشروعات أكبر الصناديق السيادية في عالم اليوم (Sovereign Fund) يبلغ رأسماله تريليوني دولار أمريكي أكثر من (7) تريليونات ريال، هذا الصندوق الواسع في لغة الاستثمارات أصبح طبقا للرؤية مالا لأصول وموجودات صندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى أصول الدولة من أراضي وأسهم الشركات التي هي شريك فيها (كالاتصالات) مثلا وغيرها فضلا عن المبالغ من بيع جزء من أصول أرامكو.
هذا الصندوق (العملاق) سيكون ضمن سياسته الاستثمارية الاستثمار البعيد عن المخاطر في الداخل والخارج وليصبح مع نهاية عمر الرؤية قد بلغ في عائدات استثماراته حجما كبيرا يحل محل إيرادات البترول.
ولا شك أن دمج صندوق الاستثمارات العامة مع الصندوق السيادي في علم الإدارة يعطينا لمحة سريعة ان الرؤية تهدف فيما تهدف إليه تطبيق علم الإدارة بعلمها وفنها وإعادة الهيكلة طبقا لها.
ولأن كل هذه الإنجازات الكبرى في دولة شاسعة المساحة لا بد لها من بناء القوة فمن مسلمات الفكر السياسي أن الدول والشعوب لن تستمر في مسيرتها إلا بامتلاك القوة كأسلوب حياة لشق طريقها بهدف تحديد دورها وحركتها وعلاقاتها في المجتمع الدولي وأخذ المكانة التي تسمو إليها.
وإذا استطاعت الدولة - أي دولة - بناء قوات مسلحة مجهزة بأسلحة عصرية متطورة فإنها تصبح قادرة على الدفاع عن الدولة وشعبها وسيادتها ونظامها السياسي وحدودها السياسية وأهدافها ومصالحها الحيوية على المستوى الداخلي والخارجي في المنظومة الدولية التي تغير وجهها في القرن الواحد والعشرين عنه في القرن الماضي.
فالقوي وحده هو الذي يستطيع أن يفرض إرادته، وهذه الحقيقة أوضح ما تكون في الحروب، فالمهزومون فيها مغلوبون على أمرهم لا يملكون إلا قبول شروط المنتصرين، وقد أوضح الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبس هذه الحقيقة بقوله (بمعزل عن السيف ليست العقود سوى مجرد كلمات لا تكفي لحماية أي إنسان).
امتلاك القوة أبلغ وسيلة للحد من استخدام القوة المضادة.. فلا يفل الحديد إلا الحديد - خصوصا في الممارسات الدولية، فالقوة ضرورة حتمية لحماية الحق تفرضها ظروف المتغيرات الدولية، وبذا نجد أن مبدأ «القوة تحد القوة» لا يزال سائدا في الفكر السياسي الدولي رغم المواثيق الدولية التي تدعو إلى منع استخدام القوة في العلاقات الدولية إلا أن الواقع يقول إن القوة أنجع وسيلة وأمضى سبيل وعنصر جوهري لوجود الدولة.
القوة في الألفية الثالثة لا تكمن فقط في المكانة الاقتصادية والقوة العسكرية التقليدية ولكن في المعرفة Knowledge فالقوة العسكرية ترتبط بشكل وثيق بالقدرة التكنولوجية التي أصبحت أهم المعايير التي تقاس بها (القوة).
ومن يتصفح رؤية 2020 - 2030 يتضح أنها جعلت امتلاك القوة هدفا رئيسا وقررت توطين (50) في المائة من الإنفاق العسكري بحلول 2030 بإذن الله وجاء ذلك واضحا في الرؤية فهي تنص على:
(يعد وطننا من أكثر الدول إنفاقا في المجال العسكري حيث كنا في المركز الـ(3) عالميا في عام 1437هـ - 2015م غير أن أقل من (2) في المائة من هذا الإنفاق ينتج محليا، ويقتصر قطاع الصناعات العسكرية المحلي على (7) شركات ومركزي أبحاث فقط.
إن هدفنا توطين ما يزيد على (50) في المائة من الإنفاق العسكري بحلول (1452هـ - 2030م) بإذن الله ولقد انطلقنا فعلا، فبدأنا بتطوير بعض الصناعات الأقل تعقيدا من قطع غيار ومدرعات وذخائر، وسنواصل هذا المسار إلى أن نصل إلى توطين معظمها، وسنوسع دائرة الصناعات الوطنية لتشمل الصناعات الأكثر تعقيدا مثل صناعة الطيران العسكري، وسنبني منظومة متكاملة من الخدمات والصناعات المساندة بما يسهم في تحسين مستوى اكتفائنا الذاتي ويعزز من تصدير منتجاتنا العسكرية لدول المنطقة وغيرها من الدول.
لذا فان الرؤية أكدت (بقوة) على توطين ما يزيد على (50) في المائة من الإنفاق العسكرية، لتنقل الرؤية البلاد من (2) في المائة من الإنفاق العسكري الذي ينتج محليا إلى رقم كبير (50) في المائة ينتج داخل الوطن.
والله ولي التوفيق..
** **
- رئيس مركز الخليج العربي لدراسات واستشارات الطاقة