أحمد المغلوث
يوم الأربعاء الماضي تعرضت ولاية فلوريدا الأمريكية لإعصار ميلتون المدمر الذي شكل كارثة مدمرة بفضل الأمطار الغزيرة، وأطلق العنان لعواصف مميتة مع رياح عاصفة امتدت عبر مساحة كبيرة من الولاية بعد وصوله إلى اليابسة. لحظتها تذكرت وأنا أشاهد عبر الأخبار مشاهد مثيرة أعادتني لتذكر زيارتي إلى هذه الولاية وعلى الأخص زيارتي لميامي العاصمة التي قضيت فيها عدة أيام بدعوة من صالون الفن العالمي للمشاركة في معرضه في باريس. وميامي وخلال الأيام القليلة التي عشتها في هذه العاصمة المذهلة فلا عجب أن تسمى «مدينة السحر»، ولم تتردد مرافقتنا الحسناء ومن الساعة التاسعة صباحا أن تشرح لنا معالم هذه المدينة المذهلة التي تعتبر المدينة رقم 42 في عدد السكان بأمريكا. وهي أكبر مدينة في جنوب الولايات المتحدة. وراحت تجول بنا بين المرافق التي يقبل عليها زوارها بكثرة، ففيها العديد من حمامات السباحة وأحواض الأسماك الكبرى وحيوانات بحرية مختلفة وهذا (الاكوريديوم) العجيب، ومنذ تأسيسه عام 1955م يحظى بإقبال واهتمام أبناء فلوريدا وغيرهم من داخل أمريكا وخارجها، محققا رغباتهم بشغف مشاهدة ما يتميز به هذا المتحف المائي من مخلوقات بحرية متنوهة. إضافة إلى ما يقدمه من برامج وفعاليات معدة بدراسة دقيقة لتجذب زواره من الكبار والصغار وحتى العائلات والقروبات السياحية إلى المزيد من الاستمتاع بمشاهدة ذلك وأكثر من ذلك.
وفي المساء افتتح المعرض في إحدى القاعات الفنية الكبرى وضم نخبة من الفنانين القادمين من بعض الدول الأوروبية والأمريكية، وكنت الوحيد المشارك من المملكة وفي مساء اليوم الثاني للمعرض وضمن برنامج الجولات والزيارات كانت لنا زيارة لمحترف إحدى الفنانات المشاركات ومن مواطني ميامي وفي منتصف العمر، وخلال جلوسنا في صالون شقتها الواسع لفت نظر أحدنا سيدة كانت تواصل الحديث في هاتفها الجوال طوال الوقت الذي كنا نتبادل فيه أطراف الحديث ومناقشة أعمال البعض منا، عندما التفت لصاحبة «المحترف» وقال لها هل هذه والدتك العاشقة «للموبايل» إلى هذه الدرجة؟ فردت باسمة لا انها ابنتي لكنها واحدة من الملايين المدمنين على هذا الجهاز اللعين والساحر الذي سرق منها وقتها، وكذلك عدم اهتمامها بصحتها أو ممارسة هواية نافعة ومفيدة. لقد حاولت أن امنحها فرص أن تتعلم الرسم خاصة أن عالمه بات واسعا تستطيع في هذا الزمن المتطور أن تقدم أي عمل ولو كان بسيطا. فهو عمل لافت للنظر، بل وربما يباع بعشرات الآلاف من الدولارات.. وقاطعها آخر. لا يمكنك أن تفرضي على أحد ممارسة شيء لا يحبه فالفن إبداع. وكثيرون في العالم ملوك وأميرات ورؤساء باتوا مشاهير أكثر من خلال ما يبدعونه من أعمال فنية تشكيلية ونحتية وهم لم يدرسوا الفن، فالملك تشارلز فنان متميز وكذلك هتلر، كانت لوحاته معبرة، وتشرشل واحدة من لوحاته «الجامع الكبير» التي رسمها في المغرب بيعت بالملايين. واستأذنت منه قائلا: في المملكة أيضا أصحاب سمو ملكي يمارسون الرسم والإبداع للاستمتاع مثل الأميرين خالد الفيصل الذي بيعت لوحاته بالملايين عندما أقام معرضا لافتا في الرياض، وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان ولي العهد رحمه الله. والأمير الراحل بدر بن عبد المحسن.. شاهدت لوحاته في مركز الملك عبدالله «إثراء» وكانت لوحات لافتة. وأضفت: المملكة تعيش زمنا متطورا ومتناميا وزاخرا بالمبدعين والمبدعات وفي مختلف المجالات ولله الحمد.