خالد بن حمد المالك
لبنان، هذا البلد الصغير، الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي لا يرحم، فهناك هدم للمباني السكنية، وتهجير للسكان، وملاحقة للمدنيين وقتلهم، ومشاهد دامية لقتلى وجرحى يتم إخراجهم بالكاد من بين الأنقاض، وحتى سيارات الإسعاف لا يستثنيها الجيش الإسرائيلي من صواريخه، وكل هذا يحدث أمام سمع وأنظار العالم، بين ملتزم بالصمت، ومؤيِّد بحجة أنه دفاع عن النفس.
* *
أنا لا أتحدث عن حزب الله، الذراع الإيراني الذي آذى اللبنانيين قبل أن يؤذي إسرائيل، وإنما عن الأبرياء من المدنيين، أتحدث عن المباني السكنية التي يقطنها المدنيون، لا عن مواقع حزب الله، وأماكن تخزين أسلحته، وقادته الذين قتلهم جيش إسرائيل، بعد اختراقه للحزب، وتسريب المعلومات المهمة إليه.
* *
ما نراه من عدوان إسرائيلي يريد أن يزيل المباني، ويخرب الطرق، ويعيد لبنان إلى ما كان عليه ربما منذ قرون، ما يجعلنا نتساءل: أي عالم هذا الذي يرى المجازر في لبنان ولا يفعل شيئاً، وأي ضمير هذا الذي تتكرر أمامه في لبنان نفس المشاهد التي سبق أن نفذها العدو في قطاع غزة، حيث التدمير والقتل، بما لم تشهده أي حروب في الماضي والحاضر؟!
* *
نعم حزب الله مسؤول عن هذه الكوارث التي حلت بلبنان، هو من أوصل لبنان إلى ما وصل إليه من ضياع، ولكن إسرائيل هي من تقوم بهذه الجرائم وكأنها تأتمر بأمره، وبالتالي فهي مسؤولة ومدانة ومجرَّمة على أفعالها، ومعها الدول الداعمة لسياسات تل أبيب سياسياً وعسكرياً، أو الدول التي تلتزم الصمت إذا كان لها قدرة على وقف مسلسل إسرائيل في تطهير أراضي جيرانها من أي مصدر للمطالبة بحقوقهم، أو الدفاع عن أنفسهم.
* *
نحن نعلم يقيناً، أن حزب الله كان منذ ولادته عام 1982م وهو شؤم على لبنان بسبب هذا الحزب، وبالتالي فلم يعد هذا البلد الجميل وجهة للسياحة، أو مصدر أمان للإقامة، أو جاذباً للاستثمار، أو خياراً لمن يريد الحرية والاستمتاع بأجواء لبنان وفي ظلالها، خاصة وقد انتهى به المطاف إلى تطويقه من إيران، وإلى أن تكون بيروت واحدة من العواصم الإيرانية الأربع خارج الأراضي الإيرانية.
* *
ونحن نتابع بقلق ما يخطط للبنان، حيث التآمر عليه، وجره إلى ما يعرّض مستقبله للخطر، ويقوده إلى ما كان وسيكون مصدر خطر على أبنائه الذين لا حيلة لهم أمام جبروت وتسلّط حزب الله على مفاصل الدولة، حيث لا رئيس للبلاد دون موافقته، ولا حكومة دون أن تمر من خلال إملاء شروطه، واختيار الحقائب الوزارية التي ترسخ هيمنته على البلاد.
* *
لبنان يمر الآن بمفترق طرق، فإما أن يستثمر ما يمر به الحزب من تضعضع وارتباك وفوضى وضعف، فيبدأ الخيِّرون فيه من المواطنين اللبنانيين في بناء الدولة بمعزل عن حزب الله وسيطرته وقمعه، وإما أن يفوتوا هذه الفرصة وحينئذ سوف ينتهي ما بقي من لبنان.